19 سبتمبر 2025

تسجيل

تركيا والتحالف الدولي ضد الإرهاب

13 سبتمبر 2014

ليس مصادفة أن يعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما تشكيل تحالف دولي وإطلاق إستراتجية جديدة لمحاربة الإرهاب المتمثل بتنظيم داعش وجبهة النصرة، تماما في الذكرى السنوية الثالثة عشرة لأحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر 2001.الولايات المتحدة تحتاج إلى زخم لحملتها الجديدة التي لا يعرف أحد أين ستنتهي.. وليس أفضل من هذه الذكرى لكي يقنع أوباما الجمهور الأمريكي والعالمي بحربه الجديدة.ولقد أعد أوباما العدة للحرب الجديدة باستصدار قرار من مجلس الأمن يحمل الرقم 2170 يكون غطاء قانونيا للتطورات الدراماتيكية والدموية التي ستحدث.لا أحد يمكن له أن ينسب إلى الاسلام أو الإنسانية الممارسات الفظيعة التي يمارسها تنظيم داعش الآتي من عصور أسوأ بكثير من القرون الوسطى والتي ألحقت أعظم الضرر بالدين الإسلامي وصورة المسلمين في العالم.. لكن نوايا أوباما أيضا لا يمكن الوثوق بها ليس به كشخص بل كرئيس دولة خاضت حربين كبيرتين بذريعة مكافحة الإرهاب.. الأولى ضد أفغانستان التي لم تشف بعد من جروحها الغارقة بها حتى الآن.. والثانية ضد العراق التي أسفرت عن تفتيته وتدمير جيشه ووحدته وسعّرت النزعات الدينية والمذهبية والإتنية والتي انتهت إلى ما يشبه دولة كردية مستقلة.. حربان لم ترويا غليل أمريكا والغرب وإسرائيل.لا يعني هذا الكلام معارضة أي محاولة للتخلص من التنظيم الداعشي لكن الأطر التي تتم من خلالها هذه الحرب لا تعكس نوايا جدية في محاربة الإرهاب.. فهي ستجري على أرض العراق فقط دون سوريا حيث ابتدأ "داعش".. وهي لا تشمل قوى وازنة ومتضررة من التنظيم في المنطقة والعالم مثل إيران وروسيا.. كما أن قول أوباما إنه يريد تحالفا من الدول السنية فقط إنما يرش الملح على جرح الصراع المذهبي المحتدم أساسا ويحتاج إلى من يبرده لا إلى من يزيد من تقرحاته.وفي هذا الإطار يمتاز هذا التحالف بالوهن والضعف وأول هذا الوهن عدم مشاركة تركيا الفاعلة فيه.فالحكومة التركية خصوصا منذ أن غزت داعش العراق لم تعكس أي موقف معارض لداعش.. والبعض يقول إن احتجاز داعش لـــ 49 من دبلوماسي القنصلية التركية في الموصل مع عائلاتهم وموظفين وأمنيين ونقلهم إلى مكان مجهول هو أحد أهم الأسباب التي تجعل تركيا ليس فقط تتردد بل تعارض المشاركة في التحالف الدولي ضد الإرهاب حتى لا يستفز ذلك داعش وتلحق الأذى بالمحتجزين الأتراك وتذبحهم كلهم أو بعضهم.ولكن من الأسباب الأخرى أن الأحداث في شمال العراق وتراجع البشمركة الكردية في البداية أمام داعش وتهديد أربيل ذاتها وهي عاصمة إقليم كردستان، دفع أربيل إلى الاستعانة بمقاتلي حزب العمال الكردستاني المتواجدين في جبال قنديل في شمال العراق كما بمقاتلي حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا.وقد أبلى الحزبان المذكوران بلاء باهرا في رد هجمات "داعش" بحسب اعتراف نشروان البرزاني رئيس حكومة إقليم كردستان..وهذا الحزبان يعتبران إرهابيين في تركيا التي تخوض معهما حربا وصراعا يمتد بالنسبة إلى حزب العمال الكردستاني تحديدا إلى العام 1984.وبالتالي إن أي تحالف دولي ضد الإرهاب يعني انخراط أطرافه ومنهم تركيا جنبا إلى جنب مع مقاتلي حزبي العمال والاتحاد الكرديين.. وهذا في منتهى الخطورة بالنسبة لفلسفة الأمن القومي التركي.. علما أن تطورات الحرب الكردية – الداعشية أعطت زخما كبيرا لضرورة بقاء حزب العمال الكردستاني مسلحا ليس فقط للدفاع عن المطالب الكردية في تركيا بل لمساندة أكراد شمال العراق وأكراد سوريا بما يحوله إلى قوة إقليمية تزيد من تأثيره وبالتالي الضغوط على تركيا.إن أي محاولة لهزيمة "داعش" في العراق تعني أيضا المزيد من تسليح الجيش العراقي وبالتالي تقوية حكومة بغداد وهو ما ترفضه أنقرة التي قال وزير خارجيتها الجديد مولود تشاووش أوغلو إنه جيش يعتمد بنسبة 95 في المئة على الشيعة وبالتالي من غير الواضح، وفقا للوزير، معرفة وجهة استخدام السلاح الجديد.وأخيرا وليس آخرا، فإنه بمعزل عن مدى صلة تركيا بتنظيم داعش أو جبهة النصرة أو غيرها من التنظيمات السورية المعارضة فإن إلحاق الهزيمة بتنظيم داعش في العراق يضعفه في سوريا وهو ما يعني، وفقا لتشاووش أوغلو، تقوية النظام في سوريا.. وهذا لا يخدم الهدف التركي الدائم في إسقاط النظام هناك.تركيا ليست سوى شريك رمزي وافتراضي في اجتماع الرياض كما في الحرب على الإرهاب.. ولهذا كما يعتقد تأثيرات سلبية على علاقاتها بواشنطن التي لا تزال رغم بعض التحسن الذي طرأ عليها مؤخرا، متوترة وهشة.