14 سبتمبر 2025
تسجيل* إن كنت بعد كل افتضاحات الانقلاب في مصر وإفشاله لا تزال ممن يؤيدونه وموهوماً به أو كانت لديك قناعات مسبقة تصرفك إليه؛ أو كان موقف بعض العلماء الذين وقفوا مع الانقلاب أو ترددوا في إدانته أو سكتوا عنه قد أثرت عليك؛ ولم تكن ممن يؤيدونه لأنهم منتفعون منه، فأنت إذن أهل لتقرأ مقالتي هذه عساك ترى الحقيقة من زاوية أخرى فتتقي أن يستعملوك في أهوائهم لآثامهم ومصالحهم.. * فإن كنت تؤيد الانقلاب لأن معه نفراً من العلماء فهم قليل عديدهم شائه سلوكهم وقد انفضحوا بالوجهين في حين أن في مقابلهم على الجهة الأخرى علماء ولكنهم متبعون وأكثر تضحية واستقامة وقد عرفوا بالجرأة في قول الحق. * وإن كنت تؤيده لأنه كما يزعم ضد أعداء الوطن وأنه نجى مصر من مؤامرات أمريكا والغرب – كما يروج لنفسه – أو لأنه وطني والوطنية قمة الأخلاق ، فاسأل نفسك أليس يؤيده معك الصهاينة والصليبيون والمنافقون والكافرون والعلمانيون والفسقة والفجرة ؟ أليس قد انفضحت علاقته بأمريكا والغرب وأنه كان ينسق معهم ؟ ألم يقل بلسانه أنه سيحمي حدود إسرائيل ؟ أليس يعادي المقاومة ؟ وأما الأخلاق والوطنية فقد رأينا أنها ليست إلا كذبة مدعاة تناقض قتله لشعبه وغدره برئيسه وانقلابه على الشرعية ورفضه للمعارضة وكبته للحريات !! * أو كنت تؤيده لأن أسلمة الدولة – في تقديرك - مغامرة غير محسوبة وتستجلب لها المشكلات؛ فهل الأمان في الخنوع والاستسلام ؟ وهل السلامة أغلى من المبادئ والثوابت الدينية والوطنية ؟ وهل التنسيق مع الأعداء وتمكينهم من رقبة مصر وضمان مصالحهم فيها يبني موقفا إستراتيجيا لدولة محترمة ؟ ولماذا لا يبنى على اليقين بالنصر والثقة بالله تعالى وأن يكون المصريون من ( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ )؟ * وإن كنت تؤيد الانقلاب لأنك تتخوف من حكم الشريعة؛ فأولا لتعلم أنها شريعة الله؛ وثانيا لا تنس أنك مسلم وأن الأخذ بالشريعة في حقك أمر لازم ليس اختياريا والله تعالى يقول ( أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُون) ويقول (ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا )؛ وهل سألت نفسك بم سيغني عنك الذين ترفض حكم الشريعة مجاملة لهم وانسياقا معهم يوم تقف بين يدي الله تعالى ؟! ثم - ومن حيث الأصل - لماذا تخاف حكم شريعة الله إن كنت مستقيما لا تصيب حدا ولا قصاصا ولا تعزيرا ولا تطمع في عدوان؟ * أما إن كنت تقر بسوء الانقلاب ولكنك تؤيده حرصا على الاستقرار .. فهل سألت نفسك من الذي يهدد الاستقرار؛ أهم الذين يطالبون بالشرعية ويتحاكمون لصندوق الانتخاب؛ أم القلة الذين انقلبوا على الكثرة وسحقوا الشرعية ويمارسون الظلم والكبت ويقسمون الشعب لشعبين والدين لدينين والذين يهاجمون ثوابت الدين والقيم والوحدة الوطنية كل يوم ؟ وأين الاستقرار مع هذه الانكسارات في الأمن والبورصة والفشل القيمي والأخلاقي وتفكيك الحاضنة الاجتماعية للجيش وتخريب سمعة الأزهر وتلويث وتسييس القضاء ؟ ثم هل يتمتع بهذا الاستقرار – على فرض وجوده - كل المصريين أم الانقلابيون وأبناؤهم ونساؤهم وأصدقاؤهم والذين ينهبون خيرات البلاد ويخرجونها للبنوك والمصارف الأجنبية فقط ؟ واسأل نفسك؛ لماذا يفرض الاستقرار الآن ولم يكن يفرض في حكم مرسي يوم كان الخارجون على القانون وعلى الشرعية أفرادا وعشرات وكانوا يُتركون ليفسدوا الثورة واللحمة الوطنية والمجتمعية ؟ * وإن كنت تقر بسوء الانقلاب وخطورته؛ ولكنك تقارنه بحكم الإخوان فتفضله عليهم؛ لأن لديك موقفا عاطفيا انزرع في قلبك كرها لهم؛ فما الذي تعرفه عن الإخوان وعن خصومهم لتفضل هذا على ذاك وحتى تستطيع الحكم بينهم بالعدل ؟ تذكر أن الله تعالى قد نهى نبيه صلى الله عليه وسلم عن أن يدافع عن الخائنين أيا كانت قرابتهم فقال (ولا تكن للخائنين خصيما)؛ وأنه تعالى أمر بالعدل حتى مع المخالفين ولو كانوا أعداء وكافرين فقال (ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا).. وأسألك: هل رأيت بنفسك وبعيني رأسك من الإخوان سوءا تشهد عليهم به ؟ وهل تشهد بأن خصومهم أحسن أو أحكم منهم في أمر دين أو دنيا ؟ وماذا تقول عن إنجازات مرسي في سنة رغم كل المعيقات والتعثيرات ما لم يستطعه الانقلاب في سنتين ومعه كل الدولة العميقة والدول الداعمة ؟ * آخر القول.. لقد ناقشت وباحترام عال جل شبهات من يؤيدون الانقلاب فأقمت الحجة وأبنت المحجة وأبلغت الرسالة .. فمن يظل بعد ذلك موهوما رافضا الحقيقة فهذا شأنه ولا أملك له إلا الدعاء أن يهدي الله قلبه للحق وعقله للرشاد وعينه للصواب ؟!