26 سبتمبر 2025
تسجيلرغم أن نخب المثقفين المطلعين والمحللين السياسيين الأحرار كانوا يرون عن أن الدولة الإيرانية الموصوفة بالجمهورية الإسلامية لن تتردد أبداً أن تقف مع العصابة الأسدية حين تضيق الأمور وتصل إلى طريق مسدودة في المجابهة مع الشعب السوري الثائر ضد المجرمين القتلة من مسؤولين وشبيحة، فإن الأكثرين في العالم كانوا يرون أنه لا دور فعالاً لإيران في المشهد السوري وليس ثمة دلائل ثابتة لتورطهم في القمع الوحشي المنقطع النظير، إلى أن دلت الحقائق والوقائع والقرائن على أن الدور الإيراني الداعم لعصابة الحمقى والمجانين والطائفيين الحاقدين هو دور فعلي وأن فيلق القدس بقيادة العسكري العميد قاسم سليماني ينفذ تدريبات خاصة بهذا الشأن ويؤهل له القناصة المتمرسين مع مئات الخبراء لدعم طاغية دمشق، والجدير بالذكر أن محافظ الأنبار في العراق محمد الفهداوي عندما تعرض لمحاولة اغتيال كما هو معروف هدد بأنه سيكشف الأدلة الواضحة لدخول عناصر مسلحة من جيش المهدي الصدري إلى سوريا وهي متعاونة مع جنود إيرانيين، وقد لوحظ هؤلاء وأسر بعضهم في سوريا وهم لا يتكلمون العربية وقاموا مع شبيحة الأسد باعتداءات مشهودة على السوريين بمن فيهم النساء حيث اعتدوا عليهن ونفذ فيلق القدس ومنظمة بدر وجيش المهدي ذلك، حيث إن يد الشر واحدة، وقد اعترف نائب رئيس الفيلق اللواء إسماعيل قائاني بضلوعهم في الأحداث وذلك في مقابلة له مع وكالة ايسنا الإيرانية شبه الرسمية متذرعاً بأنه لولا تدخل الجمهورية الإيرانية في سوريا لكانت المجازر أوسع وأفظع!! إنه اعتراف خطير! ولعل حادثة مقتل جعفر فرهود على يد الجيش الحر ونقل جثته إلى إيران قبل العراق ليدل على مذابحهم – أي الشيعة الغلاة – هذه المذابح التي تبرر بأنها مع حدوثها فيها كل الخير حيث إنها لو لم تحدث لكانت المجازر أخطر والحرب الأهلية أسرع كأنهم يصفحون بأنفسهم فقط لتقليل خسائر الشعب المظلوم المكلوم الذي لن يخضع لمفاهيم إيران لأن ثورته شعبية حرة ولا تحتمل مثل هذه المسرحية المأساة الملهاة! وكأن ثوار سوريا الذين تمكنوا من القبض على الرهائن الإيرانيين بدمشق وإعزاز الذين يعد كثيرا منهم في الحرس الثوري الناشط وليس المتقاعد كما ادعى وزير الخارجية الإيراني، لم يفهموا معادلة الصراع مع النظام وداعميه في إيران! هذه الدولة التي تقف مع الظالم والجلاد ضد الضحية والمظلوم، حقيقة وواقعاً وتتدخل بل ولا تقبل حتى بتنحي الأسد الذي تطالب به الغالبية الساحقة من الشعب، لا ريب أن الشيعة في إيران أكثرية وأن السنة أقلية وبالعكس فإن السنة في سوريا أكثرية والعلويين أقلية فلماذا يظلم الشيعة الأقلية لديهم ولا ينصفون في الحكم حين يرون أن السنة في الشام وهم الكثرة مضطهدون مقهورون من قبل القلة المتسلطة التي لا يعترضون عليها بل يؤيدونها. إن دل ذلك على شيء فإنما يدل على الكيل بمكيالين وعلى المكيافيلية السياسية من جهة ويدل من جهة أخرى، بل هي الأقوى على التعصب المذهبي الطائفي الذي تعمقه إيران في العالم كله، وللحق فمنذ وجدت فئة متشددة من حكام طهران وظهر حزب الله في لبنان وسارت العراق في فلك المالكي إلا الأحرار من السنة والشيعة هدد السلم والأمن الدوليين وكان حكام دمشق التابعون المرتهنون بطائفيتهم لمركزهم وكأن دمشق أصبحت محافظة إيرانية تحت إرشاد وتوجيه ولاية الفقيه – أصبحوا الأداة الخبيثة واللاعب البارز في حلبة العمل على إثارة الفتن والحروب وتمكين القلق والاضطراب في العالم، ليس بخلاف السياسة وإنما بالتحيز المذهبي الطائفي وإن كل الوقائع والقرائن لتدل على ذلك. ثم إنه يجب ألا ننسى البتة أن هذه العلاقة العدائية للمنطقة كانت قد تأصلت بين سوريا وإيران منذ حافظ الأسد حين نشبت حرب العراق مع إيران عام 1981 إلى 1988 ودعمت سوريا إيران فنياً ولوجستياً بل كانت البلد العربي الوحيد الذي ساند إيران وقت الشدة ولذا فإن الأخيرة تدين لها بالولاء في هذا الجانب ولذا ترى أنه لابد لها من الوقوف معها اليوم ولو كان ذلك ضد الشعب المنادي بالحرية والكرامة، فهي تدعمها في جميع المجالات، خاصة العسكرية والمالية والسياسية، وما موقف ممثل خامنئي في المجلس الأعلى للأمن القومي سعيد جليلي الأسبوع الماضي خلال جولته في لبنان وسوريا والعراق وتصريحاته المتشددة بأن سوريا ضلع المقاومة التي تنادي بها إيران ولن تسمح بكسره ليدل على التعصب وعدم التجرد في المواقف رغم كل جرائم ومجازر الأسد بل في قناعتي أن مثل هذا التوجه يؤكد أن الدم السوري حلال لديهم فقط لأن الأكثرية فيه من السنة وهو ضدهم حتى النخاع، لا يا جليلي ما هكذا تورد الإبل وتحل المشكلات، وفي المقابل ذهب وزير الخارجية علي أكبر صالحي إلى تركيا ليؤكد أنه لا يمكن حل الأزمة إلا بالحوار بين الحكومة والمعارضة مشدداً على عدم تنحي الأسد وعلى ضرورة القبول بإجراء انتخابات بعد انقضاء فترة الأسد 2014م وبإشراف دولي ضارباً عرض الحائط بأن هذا المجرم لم يعد مقبولاً البتة بعد كل هذا الدمار الضخم للبلاد والعباد، إن الدور الإيراني في الملف السوري دور متآمر على سوريا وشعبها وهو جزء كبير من المشكلة وليس جزءاً صغيراً من الحل ولكنهم يتعامون ولا يقرون بالحقائق فهذا رئيس إيران محمود أحمدي نجاد يعتبر أن ما يجري في الشام فتنة مدعومة بأطراف خارجية وإسرائيلية لزعزعة النظام السوري أوصلت البلاها والغباء السياسي إلى هذا الحد عند رئيس سياسي والحق أن الثورة شعبية محقة معتمدة على نفسها ولو أنها كانت مدعومة حقاً، خاصة عسكرياً لما رأى الأسد باقياً حتى الآن إنها إيران، وروسيا والصين وحزب الله وعراق المالكي حبال من الناس هم المتدخلون الحقيقيون في شأننا ويلومون حتى من يذر الرماد في العيون دون أن يتدخل حقيقياً. ولكن عين السخط تبدي المساويا ولذلك فقد خسرت إيران كل تأييد عربي وإسلامي بسبب موقفها المتحيز المفتري الناقد لتسليح الثورة وهو يعرف بل بشار أنها بدأت سلمية ولأشهر عديدة ثم كان لابد من التسلح ضد آلة القمع التي طالت كل شيء، ولذا فإن مؤتمر إيران التشاوري الخميس الماضي لم يكن جاداً وإنما هو فاشل ولنصرة الباطل على الحق، ولكن الفقاعات لن تفعل شيئاً والطحالب سوف تختفي سريعاً، إن بشار يريد أن يتعلق بقشة إيران اليوم عندما أصبح يفرق ويغرق ولذلك أرسل وزير خارجيته المعلم بفتح اللام ليذكر حكام طهران بالاتفاق العسكري الذي جرى بينهما عام 2006 وفيه تعهدت إيران بالدفاع عن سوريا، ويا ليت أولئك يعقلون ما كان صرح به أحد رموز الثورة الإيرانية وسياسيها ومهندسيها علي هاشمي رفسنجاني حين قال: الشعب السوري يقاوم كما قاوم غيره في الربيع العربي ويا ليتهم يعقلون البيان الذي صدر من المرجعين الشيعيين في لبنان العلامة هاني فحص ومحمد حسن الأمين قبل يومين وهما يدعوان الشيعة المنصفين لتأييد الثورة السورية ومقارعة الظالمين ضد الاحتلالات الأجنبية والوطنية، مقاومة من يدعون المقاومة باسم فلسطين ولا يقاومون إلا شعوبهم ونحن معهم إذ يدعون إلى سوريا حرة لا لعائلة الأسد وشبيحتهم.