17 سبتمبر 2025

تسجيل

من روائع الكلم

13 يوليو 2023

رجال زينوا حياتهم وساحات أعمالهم بروائع المواقف والكلم، ولا يأتي التأثير في حركة الناس إلا بهذه المواقف المؤثرة والكلمات الخالصة الموفقة، وإذا أردت أن تبحث عن مشاهد القدوة فلن تجدها إلا في هؤلاء صُنّاع الحياة، فكانت لهم القوة والحجة والبيان والمواقف العملية - رحمهم الله - فهي مادة حية مليئة بالصور والمشاهد النافعة لحركة ومساحات الحياة، ومن قرأها وأتى عليها بفقه ووعي، لم يتأخر عنها عما تريده أن يكون في واقع دنيا الناس، فمنها: * أرسل أمير المؤمنين الخليفة الراشد العادل عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص رضي الله عنهما رسالة قصيرة وبليغة قال فيها «بلغني أنك تجلس في مجلس الحكم متكئاً، فاجلس متواضعاً يا ابن العاص، وإلا عزلتك»!. أي مشهد في هذه الرسالة الموجزة!. وكم تحمل هذه الرسالة من مشاهد لواقعنا الذي نحن فيه!. * كان شريحاً القاضي رحمه الله يقول للشاهدين «إنما يقضي على هذا الرجل أنتما، وإني لمتق بكما فاتقيا». ما أروع هذا التذكير للشاهدين! فبالتقوى يصلح الحال وترجع الحقوق لأهلها. * ذُكرت الدنيا عند الإمام الحسن البصري رحمه الله فقال: أحلامُ نومٍ أو كظلٍ زائلٍ إن اللبيبَ بمثلها لا يُخدعُ «كُن في الدنيا كأنكَ غريبٌ، أو عابرُ سبيل». هذه هي رحلة الحياة ومكان الإنسان فيها، رسالة واضحة لا تحتاج إلى بيان. * قال رجل للإمام الشعبي رحمه الله «أيها العالم. فقال: لسنا بعلماء، إنما العالم من يخشى الله». وروي عن الخليفة الراشد عمر أنه كتب إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما «إن الفقه ليس بكثرة السرد، وسعة الهذر، وكثرة الرواية، وإنما الفقه خشية الله عز وجل». وقال ابن مسعود رضي الله عنه «كفى بخشية الله علما، وكفى بالاغترار به جهلاً». إنها الخشية.. ما أعظمها من منزلة!. * جاء رجل إلى القاضي حفص بن غياث رحمه الله يسأله عن القضاء ومسائله، فأجابه حفص قائلاً: لعلك تريد أن تكون قاضياً؟ لأن يُدخلَ الرجلُ أُصبعه في عينه فيقتلعها، فيرمي بها، خيرٌ له من أن يكون قاضياً». يالله ما تبعات القضاء!. * كان إذا جاءه صاحبه يقول له مجاملاً: «يا أبا أيوب!. لا يزال الناسُ بخير ما أبقاكَ الله لهم». فيدعو صاحبه للتقوى فيقول الإمام ميمون بن مهران رحمه الله له «أقبل على شأنِك، لا يزال الناس بخير ما اتقوا ربهم». يالله كم في هذا النُصح من لين!. وكم فيه من تذكير وحبٍ للخير لصاحبه!. * قال شريح القاضي رحمه الله «غداً سيعلم الظالم من الخاسر. إن الظالم ينتظر العقاب. وإن المظلوم ينتظر النَّصَفَةَ». فلا تفرح أيها الظالم بظلمك وطغيانك وعنجهيتك! ولا تحزن أيها المظلوم بضعف قدرتك على أخذ حقك منه في هذه الدنيا! فغداً ستأخذ حقك كاملاً من رب عدلٍ عز وجل، ((وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ)). سبحانك ما أعظمك!. * قال الإمام ابن السماك رحمه الله «كم من مذكَر بالله ناسٍ لله! وكم من مخوَفٍ بالله جريء على الله! وكم من مقرّب إلى الله بعيد من الله! وكم من داعٍ إلى الله فارّ من الله! وكم من تالٍ كتاب الله منسلخٌ عن آيات الله!». وقال رحمه الله «همة العاقل في النجاة والهرب، وهمة الأحمق في اللهو والطرب». اللهم اجعل أعمالنا كلها صالحة، واجعلها لوجهك خالصة، ولا تجعل لأحد فيها شيئاً. «ومضة» « إن الأمة التي لا تحافظ على الأساس والأصل لن يكون لها في التاريخ فصل تدخل المعارك بلا نصل ولا تربطها بالأصل همزة وصل». المفكر الجزائري مولود بلقاسم رحمه الله.