19 سبتمبر 2025
تسجيليعد تقرير مؤشر الذكاء الاصطناعي لعام 2023 الذي كشفت عنه جامعة ستانفورد مؤخرًا والمستند إلى البيانات ومئات الخبراء وبحدود 350 صفحة؛ بمثابة الغوص العميق في ثمانية موضوعات ذات صلة بالذكاء الاصطناعي مثل البحث والتطوير والأداء الفني والأخلاق والبيئة والسياسة والرأي العام والاقتصاد، ويتطرق إلى مجموعة متنوعة من الموارد مثل منشورات الذكاء الاصطناعي ومقالات المجلات والمستودعات الرقمية وأنظمة التعلم الآلي على شاكلة نماذج اللغات الكبيرة مثل «تشات جي بي تي»، ومروحة واسعة من الموضوعات الأخرى، بما في ذلك تكلفة التدريب على الذكاء الاصطناعي، والجهود المبذولة للتخفيف من التحيز في النماذج اللغوية وتأثير التكنولوجيا على السياسة العامة، وليس انتهاءً بالشبكات العصبية المُحسَّنة لتوليد الصور. إحدى الأرقام الملفتة في المؤشر هو أن 36 % من المستطلعة آراؤهم رأوا بإن القرارات التي يتخذها الذكاء الاصطناعي قد تؤدي إلى كارثة على المستوى النووي، بينما قال 73% إنها يمكن أن تؤدي قريبًا إلى «تغيير مجتمعي ثوري». واستمع الاستطلاع إلى 327 خبيرًا في معالجة اللغة كفرع من فروع علوم الكمبيوتر الخاصة بتطوير روبوتات الدردشة. وهنا بدا الأمريكيون أكثر حذرًا بشكل خاص من تطبيقات الذكاء الاصطناعي، حيث وافق 35 % فقط على أن «المنتجات والخدمات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لها فوائد أكثر من العيوب»، مقارنة بـ 78 بالمائة من المشاركين الصينيين وحوالي 76٪من السعوديين، و 71٪ من الهنود. كما أشار تقرير ستانفورد أيضًا إلى أن عدد «الحوادث والخلافات» المرتبطة بالذكاء الاصطناعي قد زاد 26 مرة خلال العقد الماضي. نقطة مهمة ركز عليها المؤشر وهي أخلاقيات الذكاء الاصطناعي الفنية والتي تمثل مصدر قلق كبير فيما يتعلق بتطبيقات هذا المجال، حيث تجتمع الحكومات معًا لإنشاء تشريعات وأطر عمل ومعايير لحوكمة الذكاء الاصطناعي. فمنذ عام 2012، ارتفع معدل الحوادث والخلافات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي 26 مرة وتعكس هذه الطفرة اعتمادًا أكبر لتقنيات الذكاء الاصطناعي وفهمًا متزايدًا لإمكانية إساءة استخدامها كما بلغ الاستثمار الخاص في الذكاء الاصطناعي عام 2022 في جميع أنحاء العالم حوالي 91.9 مليار دولار؛ وزادت نسبة الشركات التي تطبق تقنية الذكاء الاصطناعي في عام 2022 بأكثر من الضعف مقارنة بعام 2017. كما هو معروف حاليًا، تهيمن الولايات المتحدة والصين على البحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي، وكما ذكرنا أعلاه فإن المؤشر يلفت إلى أن المواطنين الصينيين هم من بين أكثر الدول إيجابية فيما يتعلق بمنتجات وخدمات الذكاء الاصطناعية مقارنة بالأمريكيين، فالصين تنشر الروبوتات الصناعية القائمة على الذكاء الاصطناعي أكثر من أي دولة أخرى، ونتيجة لذلك بلغت قيمة أبرز 5 شركات صينية في هذا المجال ما يقرب من 120 مليار دولار؛ وحسب خطة بكين الرئيسية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي فقد وضعت جملة من الأهداف على رأسها أن تبلغ إيرادات بكين وبحلول عام 2025، من سوق الذكاء الاصطناعي حوالي 400 مليار يوان (64 مليار دولار)، ناهيك عن أنها تخطط لتحقيق «إنجازات تكنولوجية ضخمة»، وتهيمن على الصناعة في سوق الذكاء الاصطناعي في السنوات الخمس التالية بمبيعات تصل إلى تريليون يوان. لكن المؤشرات القياسية تضع الولايات المتحدة في موقع الصدارة في سباق الذكاء الاصطناعي على الصين، إذ إن أكبر ميزة لواشنطن هي وادي السيليكون الذي يمكن القول إنه أكبر نقطة ساخنة لريادة الأعمال في العالم فهو مسقط رأس عمالقة شركات التكنولوجيا مثل غوغل وأبل وإنتل وميتا التي ساعدت جميعها في تشكيل الفضاء السيبراني والحياة الرقمية العصرية. كما يلاحظ تسجيل الولايات المتحدة لقفزة مهمة في نسبة خريجي الدكتوراه الجدد من الأمريكيين المتخصصين في الذكاء الاصطناعي إلى 19.1٪ في عام 2021، من 14.9٪ في عام 2020 و 10.2٪ في عام 2010، وتواصل الحكومة الأمريكية زيادة الإنفاق على برامج الذكاء الاصطناعي سيما في قطاع التعليم. منذ عام 2017، زاد حجم الإنفاق التعاقدي المتعلق بالذكاء الاصطناعي التابع للحكومة الأمريكية بمقدار 2.5 مرة تقريبًا. عربيًا، ثمة تقدّم لدول خليجية مثل السعودية وقطر والإمارات في هذا العالم من خلال تبني هذه الدول لاستراتيجيات تسعى عبرها إلى تنويع اقتصادها بعيدًا عن النفط والاستثمار في تطبيقات الذكاء الاصطناعي بمجالات متعددة بينها الصحة والتعليم والإعلام والصناعة والقطاع المالي واستقطاب المواهب وتهيئة البنية التحتية وجذب استثمارات كبيرة…ونأمل أن تلحق دول عربية أخرى من خلال البدء بتقليل الفجوة الرقمية والتعليمية لمواطنيها، فهذا الأمر يلعب دورًا مؤثرًا في إدارة المخاطر المحتملة التي قد تواجهها هذه الدول التي يصعب عليها بدون الأدوات المساعدة لها على الابتكار، أن تسير بركب البلدان المتقدمة تكنولوجيا وأن تضع قدمًا لها في مستقبل صناعة الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات.