18 سبتمبر 2025
تسجيلكل الأسئلة التي ترتبط بالأخلاق والقيم تضع السؤال الرئيسي كمحور للتساؤل: أين القيم وأين الأخلاق؟. ولكن يبدو بأننا هذه المرة سنقوم باستبدال هذا السؤال بصيغة أخرى، نستدل من خلالها على التغيير الذي يطرأ على القيمة نفسها وتطور الأخلاقيات وتقدمها: إلى أين الإنسان سيصل في قيمه؟ وفي هذا السؤال عدة محاور وعدة تساؤلات سنضعها في هذا العمود المختصر، لعلها تكون مضمونا تفكريا أكثر من كونها توجيهية. هناك جانبين رئيسيين أو لنقل عاملين يلعبان الدور الرئيسي في صقل وتثبيت القيم والأخلاقيات عند الإنسان، ألا وهما الدين والحداثة. بداية مع الدين، ومن دون الولوج إلى العقيدة وإيمان الفرد، أؤمن بأن الدين هو المحور الذي يلعب الدور الروحي والإيماني لمستوى الأخلاق وتقدير أصولياته. أعتقد بأنه كذلك المحور الثابت الذي من الصعب أن تتغير فيه المبادئ، إلا إذا لعب عامل خارجي ما بتلك المبادئ كي تكون أكثر تيسيراً ولنقل أكثر تبريراً على أفعال نحللها لأنفسنا. ولنكن واقعيين، الدين لا يفرض بالعقاب ولا يأمر بالإكراه، إنما يوجه نحو الصواب والمنطق ويبعد عن الأذى والتكفير. ولا ننسى بأن الثبات على الدين يظل أمراً فرديا ولا قياسه على الجماعة سيكون دقيقاً، إذ نتفاوت في مدى الإيمان والارتباط الإيماني، فما تراه حلالاً أو مباحاً، قد يراه آخر حراماً وغير جائز. لذلك، تختلف المعايير بين الفرد والآخر، إذ يظل الدين العلاقة الفردية التي تربط الإنسان بخالقه وتحدد مدى إيمانه وثباته على مبادئه وأخلاقياته بين سائر الخلق. أما بالنسبة للمحور الآخر، فالحداثة هي المحور التي يقوم بالتأثير على الدين، الاعلام، الاستهلاكية وحتى منطق التفكير وتوسع مفهوم العولمة بشكل أكبر لدرجة انضمام مفاهيم جديدة من خارج السياق الطبيعي. فعلى الرغم من أن الحداثة تضمن التجديد والتقدم، إلا أنها للأسف لا تضمن ثبات القيم. وإن ثبتت القيم وظلت الأخلاق قد تتأخر الحداثة لتجد نفسها تائهة ما بين حقبة قديمة وما بين صعوبة التقدم للانفتاح المرغوب فيه. ولا أجد العذر كي أسيء لمحور الحداثة على أنها الدخيل السيئ على المجتمعات، إنما تظل جزءاً مهما في تقدم المجتمع وانفتاحه على العالم بشكل أكثر اكتساباً للمعارف وقبولاً للأطياف المختلفة وما تجلب معها من ثوابت الآخر وقيمه الخارجية. يصعب عليَّ في هذه الحال التوجيه بين الثنائيات، فيما هو حلال أم حرام، تقدم أم تخلف وأخرى من الثنائيات التي بدأت تنتقل وتتغير من حيث المفاهيم، خاصة وإذا تؤمن الجماعة بشكل تبعي دون إدراك أهمية الوعي على المستوى الفردي للتفريق والثبات على تلك الثنائيات التي تعتمد على القيم كمعيار يستقيم من خلالها الإنسان. فقبل أن نسأل أين مبدأ الإنسان في التمييز بين الحلال والحرام، فلنقل إلى أين سيصل الإنسان في تحديد قيمه بين الثنائيات، بين الحلال والحرام على سبيل المثال. المسألة أخلاقية تنافسية مع الثوابت التي قد تتغير مع حداثة التجديد! [email protected]