14 سبتمبر 2025

تسجيل

هل تجرؤ؟

13 يوليو 2015

في تصوري أن الحج، ورمضان، موسمان يملكان قدرة أسطورية لحض الناس على جرأة الاعتراف بالظلم، وطلب التحلل، كثيرون من البشر يؤمنون بأن الصيام مع خراب الصدور بصنوف الجور، والتعدي، والظلم مردود عليهم، يعني كما يقول الشيوخ الأفاضل جوع بلا أجر، لذا يهرع كثيرون بعد هزة رمضان وصحوة ضمير نام عاماً وربما أكثر لكنس الدواخل من سوادها عليهم ببياضها يعيشون سكينة مفتقدة، وسلاما "نفسيا" مهاجرا، وربما تكون هذه مناسبة وانت تسمع من يقول لأخيه (حللني) أي حل عني قيد ذنبك في الدنيا قبل الوقوف أمام (الملك) لتأخذ مني حقك، لعلها مناسبة لأسألك هل تملك جرأة التحلل من أخطائك في حق الناس دون تردد او حرج؟ هل تملك الجرأة لتقول لمن اغتبته أنا اغتبتك؟ ولمن بهته أنا بهتك؟ ولمن ظلمته أنا ظلمتك؟ ولمن شاركته أنا أكلت حقك؟ ولمن ولجت في دمه أنا شبعت من لحمك؟ هل تملك الجرأة لتقول لمن وفى لك أنا خنتك؟ ولمن اجترأت على عرضه أنا لوثتك؟ ولمن حفظ بعينيه وقلبه ودك (سوري) أنا طلعت (ندل) وناكر لمعروفك؟ هل تجرؤ على أن تقول للنبيل الأصيل الذي كنت كل حياته أنا الذي في ظهرك طعنتك؟ أو سامحني غلبتني شقوتي، غلب طيني نوري فدهستك، وهرستك، وتنكرت لك وقتلتك؟ هل تجرؤ؟ إن كنت تجرؤ حقيقة فأنت من أيقنت أنك اليوم أو غداً محمول على الخشبة الحدباء إلى حيث سؤال (ماذا فعلت يا الطيب فيما تركت) محضر إجابة؟ الكارثة الكبرى لو محضرتش!!! اللهم ادفعنا بلطفك للتحلل من ذنوبنا، وأوزارنا، وظلمنا، وجورنا، وآخي بالصفاء بيننا وبين إخواننا قبل وقوفنا بين يديك في اليوم الصعب.• طبقات فوق الهمس• أيام قليلة ويغادرنا رمضان، وجه الخير، نبع الرحمة حزينا من كل ما ألصقوه به وقالوا إنهم (حضروه) خصيصا من أجله، ويكفي ما قدمته البوصات الملونة (العربية) من مساخر للمشاهد المسكين في رمضان في أبشع جذب للأعناق، يكفي ما قدمته من عري، وفجر، وفسق، وإلهاء متعمد لكسر روح رمضان فينا، وسلختنا من أي تفكر أو تأمل، أو تدبر ينحو بنا لهدأه مع النفس قد تنحو بنا لتوبة بعد ضيعة، منتهى الأسف أن يخرج معظم ما خرج على الشاشات في رمضان من مسلسلات، وبرامج، ولقاءات محرضا على الإسفاف بكل صوره، ولنتأكد إلى حد اليقين أن الغرض المستور المفضوح حرب على الاحتشام، والالتزام، والإسلام بالقوى الناعمة- الناعمة جدا- الفاضح في الأمر أن مقدمي الهابط، والواقع، والتعبان، والعريان، كلهم مسلمون، آي والله مسلمون- حسبنا الله ونعم الوكل، ساكت ليه حسبن.• كلنا لنا أمنيات غاليات نود تحقيقها، نحزن إن طال انتظارها ولم تتحقق، هنا يقول لنا (يحيى بن معاذ) لا تستبطئن الاجابة وقد سددت طرقاتها بالذنوب! ويا ويلنا ذنوبنا بالكيلو والكرتون، وربك معين!• في ليلة قادمة لا ندريها تحديداً قد تستشعرها الروح افتحوا أقفاص صدوركم، وافرجوا عن أمنياتكم الحبيسة في دعوات من القلب علها تسافر إلى سماء ربها لتكون الاجابة، في ليلة قادمة اسمها ليلة القدر استحلف من استشعرها أن يدعو الله مخلصاً أن يؤلف بين قلوب المسلمين في كل مكان، وأن يعز الإسلام الذي يريد له المجرمون ذلاً مدوياً، وأن يوقف شلال الدم، ويرفع غضبه عنا.بعد أيام يقول أنا العيد اتيت حاملاً سلالاً لا تكون إلا عندما أجيء ولأننا كنا نعيش العيد قبل أن يأتي بمشاعر لا توصف ولا تكتب ولا تقال من فرط بهجتنا ونحن نرتقب وصوله، أنظر من شباك العيد الحزين فلا أرى الفضاءات السعيدة! شباك العيد مجلل بالسواد! ورائحة البارود والموت، وأنين الفقد لا تشي كلها إلا بالصمت المكلوم! من يجرؤ على الفرح؟ ولماذا الفرح والناظر من شباك العيد لا يرعى إلا فضاء مجروحاً ينقل رعشات محتضرة لعيون غاربة سافرت إلى ربها وحيدة دون وداع حبيب أو صاحب! لم أعد أرى من شباك العيد بساتين الورد، ولا صغاراً يضخون الفرح أينما كانوا وحلوا، لم أعد أرى بهجة تسرق القلب من كل أكداره ليذوب حنانا وابتهاجا مع كركرة صغير سعيد بما جمع من عيديات، لم أعد أرى بائع الفل يهدي السائرين عقود فله ليطوق الفارس محبوبته بعقد ثم يضحكان ضحكة بلون بياض العيد لم يعد أي شيء كما كان! فبدل الضحكة صرخة، وبدل الابتهاج بلمة الأحبة اختطف الغياب من اختطف على حين غرة فمات، وبدل ابتهاج امهاتنا عويل، ونشيج، وبكاء فقد ذهب الحبيب ولن يعود! وآه من بكاء الأمهات، آه من ألم يجرجر القلب لعذاب اسطوري الوجع، آه من بكاء الأمهات الذي فتت قلوبنا ونحن عاجزون حتى عن المواساة، نهار يائس، وليل بائس، وصدور يائسة من ملاقاة بصيص فرح ولو من بعيد، رغم العيد ما خبت النيران، وما بخل الحزن بالمزيد، وما تنازل الألم عن وجبته، من دموعنا ووجعنا، بل ها هو يزحف من قلوبنا إلى عيوننا، إلى آنيتنا، إلى شقوق جدراننا لا يرحم المتعبين ولا الذين غصوا بالتعب وقالوا كفى يا حزن حزنا لم تعد قلوبنا تقوى على المزيد! عيد؟؟ بأي حال عدت يا عيد، والمسلم يذبح المسلم، والكرب يزيد، والأم الثكلى مازالت تصرخ ولدي والجرح يزيد، والأيتام في الخيام مشردون تحت الثلج، وتحت اللهب، والمستورون فضحهم العراء، عيد؟؟ بأي حال عدت يا عيد؟ والخراب شامل، والإظلام تام، والشمس اعتذرت عن الشروق فوق أجداث الجثث خجلاً كي لا ترى ما فعلنا! بأي حال عدت يا عيد والانفصام يذهلنا، والقسوة ترعبنا، والدم يعذبنا! بأي حال عدت يا عيد؟ نسأل لأن جديدنا يذهلك.. ويشيبك، ويبكيك، وحالنا حقيقة يدميك، يا عيدنا الجديد كل عام وأنت عيد!