18 سبتمبر 2025

تسجيل

أكاذيب مفتراة على آخر خلفاء المسلمين

13 يوليو 2015

يمثل السلطان عبد الحميد – رحمه الله – آخر خلفاء الدولة العثمانية، وآخر خلفاء المسلمين، فبعد سقوط الخلافة العثمانية رسمت خارطة الأرض، وتشكل نظام عالمي جديد، قسمت فيه تركة الدولة العثمانية بين قوى الغرب التي جندت آلة إعلامية ضخمة لتبرير ما حدث للعالم الإسلامي بعد هذا الحدث الضخم الذي كان في بدايات القرن العشرين، وظل العمل له نحو مائتي عام في غفلة من بعض الخلفاء، وخيانة من المتآمرين.سقطت الخلافة إذا ولكن تداعياتها لا تزال حاضرة في واقعنا المعاصر، فمن الناس من يمني النفس بعودتها لتجمع المسلمين تحت مظلة واحدة، ومنهم من يرى أن ذلك محال تحقيقه، وأن الواقع جاوز التاريخ وعلينا أن نتعامل مع النظام القائم كما هو، وأن نعدل من أفكارنا وتوجهاتنا لتناسب الحدث، وكانت هناك تجارب كثيرة وإشكالات عويصة حول مفاهيم متعددة كالحرية والديمقراطية وغيرها من المبادئ التي تثير من الخلاف الكثير.لن أتطرق إلى آثار سقوط الخلافة فلهذا موطن آخر، ولكن أتطرق لكمِّ الأكاذيب التي لحقت بالسطان عبد الحميد، افتراها عليه قوم كانوا أذنابا ولم يكونوا أربابا، عملوا بإخلاص لحركة الماسونية العالمية، قهروا العباد وأفسدوا في البلاد، إنهم أتباع الاتحاد والترقي من مدحت باشا ومصطفى كمال أتاتورك وغيرهما.لقد انبرى أستاذنا الدكتور مصطفى حلمي ليرد هذا الكذب عن السلطان عبد الحميد في كتابه "السلطان عبد الحميد ..الخليفة المفترى عليه"لقد أُلقيت التهم جزافا على السلطان عبد الحميد وأهمها أنه السطان المستبد وأنه السلطان الأحمر وغيرها من الصفات التي روَّجها أعداؤه وخصومه من الداخل والخارج، ولا ننسَ أن وكالات الأنباء والصحافة التي سيطرت عليها العناصر اليهودية والصليبية قد تزعَّمت حركة تشهير واسعة النِّطاق، أخذت تُردِّدها بتكرار وإلحاح حتى صارت وكأنها حقائق.وبدأت هذه الأكاذيب تروج من داخل الدولة العثمانية نفسها عن طريق من آمنوا بأفكار الغرب تجاه سقوط الخلافة، يقول باول شمتز: "لقد نظمت المقاومة ضد السلطة الدينية التي كان يمثِّلها عبدالحميد، وتجمَّعت عناصرها خارج حدود تركيا، إلا أنها لم تَستطِع المبادرة، بقيادة المعركة الفاصلة ضده، بل جاءت هذه المعركة أولاً مِن الداخل، وعلى وجه التحديد مِن الجيش الذي أصابته عدوى "الأفكار القومية".(انظر: الإسلام قوة الغد العالمية (ص: 92)، ترجمة د. محمد شامة، مكتبة وهبة 1394 هـ 1974 م).ومن عجب أن تبدأ هذه الأكاذيب من الصدر الأعظم مدحت باشا رئيس الوزارة الذي يفترض أن يكون ولاؤه للدولة والخلافة ولكنه كان خائنا، وقد تحدث عنه السلطان في مذكراته فقال: كنتُ أرى أن الصدر الأعظم - أي: مدحت باشا - يؤيد الإنجليز ويتعاوَن معهم، سواء بدافع من ماسونيته أو بدافع مِن أسباب أخرى خاصة جدًّا به، ولم أعد أَحتمِل، فاستندت إلى صلاحياتي في القانون الأساسي وعزلته عن الصدارة العُظمى، وأبعدته خارج الحدودمذكرات السلطان عبد الحميد ص44.ومن الأكاذيب التي اتهم بها السلطان عبد الحميد أنه كان سببا في خراب الدولة العثمانية، لكن من الدراسات المُنصِفة للسلطان عبدالحميد ما ذكره الأستاذ محمد جميل بيهم في كتابه "فلسفة التاريخ العثماني" إن السلطنة حين جلس عبدالحميد على العرش كانت مثقلة بالمتاعب تواجه أشد الأزمات، فشهدت في عهده نشاطًا كبيرًا في العراق، وامتدت السكك الحديدية في ولاياتها الأوربية والآسيوية، وأقيمت المرافئ المتعددة، وأنشئ الخط الحجازي بين دمشق والمدينة المنورة، ولم يكن للأجنبي فيه صلات مالية (2: 162)، الطبعة الأولى سنة 1954 م.وبعد ؛ فقد مات السلطان عبد الحميد وسقطت دولة الخلافة، ولا تزال الأكاذيب تلوكها الألسنة، وهذا ما يحدث مع المهزوم المأزوم، حين تتكالب عليه الافتراءات ويتبعها الهمج الرعاع أتباع كل ناعق، ولكن التاريخ له جنود مخلصون يظهرون الحق للأجيال القادمة تبصرة وذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.