13 سبتمبر 2025
تسجيلثقافته وأسلوبه الدعوي (2)ابن السنوسي، حياته وثقافته:ولد الإمام محمد بن علي السنوسي بضاحية قريبة من بلدة مستغانم بالجزائر عام 1202هـ صبيحة الاثنين الموافق الثاني عشر من ربيع الأول، عند طلوع الفجر، ولذلك سماه والده محمداً تيمناً باسم النبي (صلى الله عليه وسلم). بعد وفاة والده تولت عمته فاطمة تربيته وتنشئته تنشئة صالحة، وكانت متبحرة في العلوم، ومنقطعة للتدريس والوعظ. وبعد وفاة عمته بسبب الطاعون عام 1209هـ تولى تربيته ابن عمه الشيخ محمد السنوسي الذي تولاه وأتم على ابن عمه حفظ القرآن الكريم برواياته السبع مع علم رسم الخط للمصحف، والضبط، وقرأ عليه الرسالات الآتية: مورد الظمآن، والمصباح، العقيلية، الندى، جزر الأماني للشاطبي، الهداية المرضية في القراءة المكية. وبعد وفاة ابن عمه 1219هـ، جلس للأخذ عن علماء مستغانم لمدة سنتين كاملتين، ثم توجه إلى بلدة مازونة وظل بها عاما، ثم رحل إلى تلمسان وأقام بها ما يقرب من السنة وتتلمذ على كبار شيوخها.كان تفكيره في هموم أمته مبكراً واجتهد في البحث عن الأسباب التي أدت إلى التدهور والضعف المخيف في أركان هذه الأمة، وتوصل إلى أن من أسباب هذا الضياع، غياب القيادة الحكيمة، وغياب العلماء الربانيين، وانعدام الغيرة الدينية، والانشغال بالخلافات...إلخ. رأى ألا سبيل إلى إصلاح أمته إلا بالإيمان والعلم معاً، لأن العلم ظهير الإيمان وأساس العمل الصالح ودليل العبادة. وليزداد في طلب العلم توجه إلى فاس ومكث في المغرب الأقصى سبع سنوات متعاقبة، وكانت تجربته في فاس مثمرة. توجه نحو الشرق، فمر بتونس وليبيا ثم دخل القاهرة في عام 1239هـ/1824م. وفي القاهرة أدرك تماما ضعف دولة الخلافة وتأكد له ذلك بظهور حكومة محمد علي باشا المستبدة فوصل إلى الاقتناع بأنه لا مناص من الإصلاح والنهوض، وكان ابن السنوسي قد خبر مثل هذه الأوضاع في وطنه الأول (الجزائر). دخل ابن السنوسي الحجاز عام 1240هـ/1825م، ونزل مكة، وكانت زيارته لمكة ذات أثر كبير في قيام الدعوة السنوسية وظهور شأنها، فقد قام بإنشاء أول زاوية في الحجاز وهي زاوية أبي قبيس كوسيلة لنشر أفكاره.ومكث في الحجاز خمسة عشر عاما استطاع خلالها جمع أعداد غفيرة من الأتباع والمريدين، توجه ابن السنوسي إلى برقة وكانت زاوية البيضاء في الجبل الأخضر أولى الزوايا التي أسسها، وشرع يعلم الناس فيها، ويذكرهم بالله ويرشدهم إلى طريق النجاة في الدنيا والآخرة، وبدأت القبائل تتوافد إليه طلباً للزيارة والتبرك وتتسابق في إقامة الزوايا أسوة بالزاوية البيضاء. ظل ابن السنوسي خمس سنوات ينشئ الزوايا وينظمها، ويرسم مناهج الدعوة ومبادئها عن طريق الزوايا.