15 سبتمبر 2025
تسجيلإن المسلم إذا أحب لله ذاق أثر ذلك في نفسه من الراحة والاطمئنان، ونال في الآخرة الأجر العظيم الذي أعده الله للمتحابين فيه، ولهذا حرص الإسلام على القواعد التي تجعل هذا الحب واقعاً ملموساً يعيشه المسلم، ويستظل به في هذه الدنيا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه).. إنه توكيد لهذا الحب وإعلام للغير به حتى لا يكون هذا الحب من طرف واحد. إن الإسلام يشيع الحب بين أتباعه حتى يكون المجتمع متآلفاً، أخرج أبو داود عن أنس رضي الله عنه أن رجلاً كان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فمر رجل به فقال: يا رسول الله، إني أحب هذا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (أأعلمته)؟ قال: لا، قال: (أعلمه). فلحقه، فقال: إني أحبك في الله، فقال: أحبك الذي أحببتني له.والحب ليس كلمة تقال، وإنما هو واقع يعيشه المحب لحبيبه، نصح وإرشاد، بذل وعطاء، تضحية وإيثار، تفقد ودعاء، إنها معانٍ عظيمة تظهر على المتحابين، ولهذا لما كان هذا العمل عظيماً كان الجزاء عليه كبيراً من الرحيم الرحمن. ففي الحديث الصحيح المتفق عليه في السبعة الذين يظلهم الله تحت ظله، منهم: (رجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه وتفرقا عليه)، ويستمر العطاء الرباني لهؤلاء المتحابين، يقول الله عز وجل في الحديث القدسي: ( وجبت محبتي للذين يتحابون ويتجالسون ويتزاورون ويتبادلون في).. وأما في الآخرة، فإن الناس تغبطهم لهذا النعيم الذي هم فيه، أخرج ابن حبان بإسناد صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن من عباد الله عباداً ليسوا بأنبياء يغبطهم الأنبياء والشهداء) قيل: من هم لعلنا نحبهم؟ قال: (هم قوم تحابوا بنور الله من غير أرحام ولا أنساب، وجوههم نور، على منابر من نور، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس)، ثم قرأ: (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء ٱللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ).. اللهم اجعلنا منهم، وألحقنا بهم، واجعلنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين. إن الحب لله أجره عظيم، فهلا أعلم بعضنا بعضاً إن كان يحبه لله حتى يحظى بهذا الأجر، إن بعضاً منا يحب أخاه في الله لكنه يتحرج من ذلك خشية أن يلقى صدوداً أو غير ذلك، لكن السلف رضوان الله عليهم كانوا لا يتحرجون من ذلك، بل يعلمون من أحبوه بهذا الحب حتى ينالوا الأجر من الله.لقد أقام الإسلام المجتمع الإسلامي على المحب والوئام بعد أن كان الناس أعداء في شحناء وبغضاء وخصام، وقد ظهر هذا الحب العظيم في المحبة التي غرسها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار، تلك المحبة التي عجزت الدنيا أن تأتي بمثلها إلا في الإسلام وبالإسلام، لقد وصلت المحبة بينهم أن يعرض الرجل التنازل عن إحدى زوجتيه بطلاقها حتى يتزوجها أخوه المهاجر. إنه الإيثار الذي وصف به القرآن هؤلاء الرجال رضوان الله عليهم، وجدير بالخلف أن يسلكوا مسلك السلف الصالح، وأن نقيم مجتمعنا هذا على المحبة والوئام والسلام، وأن نخلع من نفوسنا بذور الشقاق والخصام، وليكن لنا في الحب في الله المسلك الأمثل لتحقيق هذه الغاية المباركة.. اللهم اجعلنا متحابين متآلفين متزاورين متباذلين فيك يا أرحم الراحمين..