05 نوفمبر 2025

تسجيل

لم أستطع تنفيذ نصيحة الأطباء!

13 يوليو 2014

نصحني الأطباء والأصدقاء بعدم الغضب وعدم الانزعاج والابتعاد عن مصادر القهر والعذاب وتجنب القلق وكل ما يثير الأعصاب وأن أبحث عن أي شيء يدخل الفرحة والسعادة إلى حياتي لأن مرضي لا يتحمل الألم والمعاناة والقهر. حاولت أن استجيب لنصيحة الأطباء والأصدقاء وتوقفت عن الكتابة لقرائي الكرام في جريدة الشرق مدة طويلة لأن التفكير في كتابة أي مقال يحرق الأعصاب ويرهقني لأنه يحتاج إلى متابعة لحال الأمة العربية وما تواجهه من تحديات وتعيشه من جراح وآلام، فالكاتب السياسي في الوطن العربي يعيش دائماً وألما وعذابا لأن حال هذه الأمة لا يسر الصديق وحتى العدو لما تعيشه من هول الصراعات والحروب الأهلية والنزاعات التي زرعها العدو الصهيوني والإدارات الأمريكية والغرب عموماً تنفيذاً لمخطط الشرق الأوسط الجديد لتقسيم المقسم وتفتيت المفتت، والمؤلم أكثر أن هذه الصراعات تنفذ أحياناً بأدوات عربية بعضها جاء على ظهور الدبابات الأمريكية كما يحدث في العراق الشقيق وبعضها ينفذ هذه السياسة بأساليب حكمه الدكتاتوري ضد شعبه والبعض الآخر ينفذ هذه السياسة بعقلية طائفية مذهبية مقيتة.ولكن منذ ستة أيام ومنذ بدء العدوان الصهيوني ضد أهلنا في قطاع غزة لم أستطع تنفيذ نصيحة الأطباء ووجدت نفسي مضطراً لمتابعة الأخبار رغم إدراكي ومعرفتي بأنها ستكون مصدراً لخطر مرضي وانتشاره وستكون خطراً على صحتي وحياتي.حاولت تجاهل ما يحدث لأهلنا في قطاع غزة وحاولت الابتعاد عن مشاهدة ورؤية وسماع الأخبار لكنني لم استطع لأن حياتي لن تكون أهم من حياة أخوتي في قطاع غزة الذين يدافعون عن كرامة وشرف وحرية كل عربي من المحيط إلى الخليج.قلت لنفسي.. شاهد الأخبار.. وتابع ولكن لا تكتب .. لكنني وجدت نفسي اتعذب أكثر وأغضب أكثر وأتألم أكثر إذا لم أكتب، فالكتابة يمكن أن تفرغ شحنة الألم والعذاب التي بداخلي خاصة بعدما شاهدت تلك المقابلة التي أجرتها مذيعة تليفزيونية مع طبيب من مستشفى الأمل في غزة وذكر هذا الطبيب أنه مر بموقف إنساني لا يوصف عندما أراد معالجة طفل يبلغ من العمر ثماني سنوات كان مصاباً بكسور في قدميه وشظية في كتفه والدم ينزف منه وطلب هذا الطفل من الطبيب أن يعالج أخاه قبله وبدأ هذا الطفل يتوسل ويرجو الطبيب أن يعالج أخاه أولاً وعندما شاهد الطبيب أخا هذا الطفل وجد أن عمره سنتان فقط وهو مصاب بجراح خطيرة.هذا المشهد وهذا الموقف الإنساني قطع أوصال قلبي وفجأة انهمرت دموعي ولم أتمالك نفسي ولم أتمكن من السيطرة على غضبي وألمي ووجدت يدي تمسك القلم لتكتب هذا المقال بعد رؤية وسماع هذا المشهد المؤلم والإنساني ليضاف إلى تلك المشاهد من الدماء الطاهرة التي نزفت من شهدائنا الأبرار الذين بلغ عددهم حتى الآن حوالي 170 شهيداً أغلبهم من الأطفال والنساء والشيوخ وحوالي ألف جريح.تمنيت من الله عز وجل ونحن نعيش أيام هذا الشهر الفضيل شهر رمضان المبارك أن تصل رسالة هذا الطفل البالغ من العمر ثماني سنوات ورفض علاجه أولاً وطلب معالجة شقيقه البالغ من العمر حوالي سنتين، إلى حكامنا العرب الذين يقولون إن شعب فلسطين إخوة لنا وأن أهل غزة أشقاء لنا ويشعرون بقيمة وهدف ومغزى هذه القصة الأخوية وأن يتعلموا من هذا الطفل أهمية نصرة إخوانهم ويبادروا إلى تقديم الدعم والمساندة والعون فوراً لإخوانهم وأشقائهم لأنهم يدافعون عن حرية وكرامة وشرف إخوانهم في الوطن العربي والعالم الإسلامي.