13 سبتمبر 2025
تسجيلمرت مناسبة "القرقيعان" الرمضانية على أهل الخليج ومحيطهم العربي "مقرقع" تهزه الأحداث الجسام ما بين غزة الرازحة تحت جبروت قوة الاحتلال وما بين شعارات داعش التي جعلت من غرة هذا الشهر الكريم موعداً لإعلان دولة الخلافة الطامحة عبر سكاكين عناصرها وبنادقهم إلى رفع راياتها السود في كل العالم, فكانت باكورة الاستهداف الاعتداء على منفذ الوديعة السعودي مع اليمن والتسلل إلى مدينة شرورة الحدودية واحتلال مبنى المباحث في المدينة التي تضامن معها كل المجتمع السعودي الذي يعتبر نفسه في دائرة الاستهداف الأولى لداعش والحركات الإرهابية الأخرى كالقاعدة وغيرها ممن تنتهج الفكر التكفيري المطلق لمن يخالفهم الرأي والفكر، سواء من علماء الدين والحكام والعموم من الناس وفق ما ينشر لهذه الحركات من مقاطع تنتهي بالقتل والذبح التلقائي المروع في الطرقات, عموماً انتهت حادثة شرورة كما انتهت غيرها من العمليات أو الغزوات كما تسمى في العرف الجهادي لدى تلك الفرق التي ما فتئت تكرر غزواتها لمجرد إثبات الذات وكسب التعاطف من الناشئة والمقرر بهم مضياً نحو أهداف كبرى تتوافق مع ما تعلنه داعش في جهادها الذي يصد عن مواجهة العدوان على الأمة كما هو حاصل في غزة الآن ويمارس دغدغة المشاعر بعودة الحكم الراشد بين الأمصار، بينما الممارسات العلنية للجماعة تعكس حقيقة باطنها المأجور ضد الأمة رغم ما تحاول به إعلاميتها الأخيرة من بث الطمأنينة بين الناس وتسويق الفكر الحاضن للحقوق والذمم بالقفز على مكتسبات الأمة وموروث عقيدتها من الكتاب والسنة, أعود إلى المجتمع السعودي الذي لم تزده تلك الشعارات ورصاصات الغدر ضد المرابطين في نهار شهر الصيام سوى القوة والالتفاف حول علمائه وقيادته، مستنكرين مثل هذا العبث المكرس الذي يشتت جهود الأمة عن قضاياها، خاصة أن من قاموا بهذا العبث لهم سجلات إجرامية موثقة وأفكار ضالة تخرج بعضهم من مراكز المناصحة التي عمدت الدولة من خلالها إلى تصحيح أوضاع بعضهم ومناصحتهم للعودة إلى المنهج القويم البعيد عن التطرف، بل وكانت الجهود المبذولة كريمة معهم بتبني قضاياهم وهمومهم أملاً في العودة بهم عن هذا الطريق المعتم رغم أن هناك من يعتبر مثل هذه الجهود مضيعة للوقت ما لم تستخدم الدولة الحزم ضدهم, بل في كثير من المواقف تستخدم الدولة معهم عبارات اللين معتبرينهم جزءا من نسيج المجتمع يحتاج إلى الرشد والإصلاح والبعد عن التغرير كما في كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الأخيرة في حفل استقبال أهالي مدينة جدة، مشيراً في كلمته إلى أنهم من أبناء الوطن غرر بهم للذهاب إلى مواطن الفتن, ورغم التحول في صيغ الخطاب الرسمي والجهود المباشرة للدعاة والخطباء وتكريس مفهوم الوحدة الوطنية وعقد الحوارات المنوعة، إلا أن عصبة الظلال مستمرة في التحشيد والتمترس تحت ألوية تطوع الدين ونصوصه لمفاهيمها وأهدافها، بل غدت تكتلاتهم في دول الجوار التي تعيش ظروف الحروب والتمزق مدعاة لتحشيد القوة والتوثق بزمام الأمور وفق رؤيتهم المخيفة للعموم تبعاً لما يعد فعلاً حرباً إعلامية قائمة في مواقع التواصل، فلقد صارت عندهم دولة حسب رؤيتهم يفرضون البيعة لخليفتها ويتبركون برايتها وهو ما يستلزم الصحوة العامة والتعامل مع المعطيات الراهنة بمنظور عملي يحصن المجتمع ويحفظ كيانه, فالشعب السعودي بعامته وبما مر عليه من أحداث ومواقف عديدة اكتسب حصانة قصوى ضد مثل هذه المؤامرات الصبيانية ويجيد المجتمع كيفية الالتفاف حول قيادته، كما يجيد كيفية التعاطي مع هموم أمته وجراحاتها بضمير حي ومواقف تبعثها إيمانيات هذا المجتمع وفهمه العميق لدوره الإسلامي تجاه الأمة, فالناس هنا مع غزة بقلوبهم وعطائهم ودعواتهم.