29 أكتوبر 2025
تسجيلالتقوى لغة: مأخوذة من الوقاية وما يحمي به الإنسان نفسه. والتقوى اصطلاحاً: أن تجعل ما بينك وبين ما حرم الله حاجباً وحاجزاً. وقال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه: التقوى هي الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والقناعة بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: المتقون: الذين يحذرون من الله وعقوبته. وقال طلق بن حبيب: التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله، تخاف عقاب الله. وقال ابن مسعود في قوله تعالى: (اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ) قال: أن يُطاع فلا يُعصى، ويذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر"، فاحرص يا أخي الكريم على تقوى الله عز وجل فهو سبحانه أهل أن يُخشى ويُجل، ويعظم في صدرك. فالتقوى: هي جعل النفس في وقاية، أي أن يجدك الله في مواضع الطاعة له ويفتقدك في كل مواضع المعصية له. فالتقوى: اسم جامع لطاعة الله والعمل بها في ما أمر به أو نهى عنه، فإذا انتهى المؤمن عما نهاه الله وعمل بما أمره الله فقد أطاع الله وأتقاه فالتقوى: مفتاح كل خير في الدنيا والآخرة وعنوان السعادة، والعبد أحوج ما يكون إلى لزوم التقوى في جميع أحواله ولا يصلح حاله ويتيسر أمره إلا بذلك، والتارك للتقوى متعسر عليه أمره وفاقد للسعادة في الدنيا والفلاح في الآخرة. وتقوى العبد لربه: أن يجعل بينه وبين ما يخشاه من غضبه وسخطه وقاية تقيه من ذلك بفعل طاعته واجتناب معاصيه. فالمتقون هم: أهل الفضائل يسعون لكسب مرضاة الله وتجنب سخطه في الدنيا والآخرة لما فيه مصلحة للإنسان والإنسانية. جوهر التقوى وحقيقتها فإن تقوى الله هي أساس كل صلاح، وسلوان كل كفاح، (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ) تقوم التقوى في حقيقتها وجوهرها على استحضار القلب لعظمة الله تعالى واستشعار هيبته وجلاله وكبريائه والخشية لمقامه والخوف من حسابه وعقابه، وإذا كان هذا معنى التقوى فإن نطاقها لا ينحصر في اجتناب الكبائر فحسب، بل إنه يمتد ليشمل كل ما فيه معنى المخالفة لأوامر الله حتى لو كان من اللمم أو الصغائر.وقد فهم الصحابة رضوان الله عليهم ذلك فقال قائلهم: لا تنظر إلى صغر الذنب ولكن انظر لمن عصيت، بل إنهم جعلوا من تمام معناها أن تتضمن الورع عن بعض ما هو طيب أو حلال، حذراً من مقاربة الحرام، وفي ذلك يقول أبو الدرداء رضي الله عنه: تمام التقوى أن يتقي العبد الله حتى يتقيه من مثقال ذرة، وحتى يترك بعض ما يرى أنه حلال، خشية أن يكون حراماً.عن النعمان بن بشير رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله يقول: (الحلال بين، والحرام بين، وبينهما مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس. فمن اتقى الشبهات، فقد استبرأ لدينه وعرضه. ومن وقع في الشبهات، وقع في الحرام كالراعي حول الحمى، يوشك أن يرتع فيه. ألا وإن لكل ملك حمى. ألا، وإن حمى الله محارمه. ألا، وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله. وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا، وهي القلب).قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذراً مما به بأس) وللتقوى مكانة عالية في دين الإسلام لا يدانيها في المنزلة سوى الإيمان بالله وبرسوله وهي أساس قبول الأعمال عند الله سبحانه (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)والتقوى ليست مقصورة على الحذر والاجتناب للمعاصي والرذائل، بل إنها تتضمن كذلك جانب الفضائل والطاعات العملية الإيجابية التي يمارسها المؤمن.التقوى في القرآن الكريم إنها وصية الله للأولين والآخرين من عباده، قال عز وجل: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللَّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا).