19 سبتمبر 2025
تسجيلقال صاحبي: إن للصيام أثرا عظيما في تربية النفوس على الإخلاص، والصبر وقوة الإرادة، والخوف والرجاء، والبر والصلة والذكر والدعاء، والمراقبة والحياء والتوبة والاستغفار، وتهذيب الغرائز وتربية النفس، والدعوة والجهاد والجود والإحساس بالفقراء، وغير ذلك من الفضائل. قلت لصاحبي: حقا إن مدرسة الصيام هي مدرسة الأخلاق، ومجمع المكارم، وملتقى الفضائل؟ يتعلم فيها الصائم القناعة والزهد والتعفف والرضا، فتقوى لديه الجوانب الروحية على المادية. فالصائم يربي نفسه على الإخلاص ويستجيب لدعوة رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه". وفي الصوم درس عملي على خلاف ما تشتهي النفس، وهو الصبر اختياري أجره عظيم. فالمؤمن يصوم رمضان إذعاناً لأمر ربه، وطواعية من نفسه، فيمسك عن ملذات الحياة من طلوع الفجر إلى غروب الشمس لله تعالى. وفي الصيام تدريب الصائم على تحمل الأذى والحلم والصفح لمن أساء إليه مكتفيًّا بما علمه النبي (صلى الله عليه وسلم) أن يقوله: فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم". وفي الصيام تنمية لخلق الحياء لمن أراد أن يؤدب نفسه أو يجاهدها، وهو أثر لمراقبة العبد ربه، ومتابعة قلبه، ويتولد الحياء من الله جل جلاله أصلا من النظر في نعم الله تعالى. ولقد كانت أول معركة فاصلة بين الحق والباطل (بدر) في رمضان من السنة الثانية للهجرة، وقد كان الفتح الأعظم (فتح مكة) في رمضان من السنة الثامنة للهجرة: ومازال التاريخ يحدثنا عن جهاد للمسلمين في رمضان: ففي معركة "عين جالوت" انتصر المصريون على المغول، وفي العاشر من رمضان/6 أكتوبر 1973م انتصر المصريون على اليهود. قال صاحبي: وجهاد المسلمين في رمضان لا يقف عند حد المعارك الحربية، بل يتعداها إلى جهاد النفس لحفظ اللسان عن الكذب والغيبة وقول الزور، ولغو الكلام ويحفظ سمعه وبصره عن السماع والنظر للحرام، أيا كان شكله ومهما كانت دواعيه، كما يحفظ رجله عن المشي للحرام، ويده عن تناول الحرام، ويحفظ باطنه عن التفكير في الحرام. وبهذا يحفظ الرأس وما وعى والبطن ما حوى. وهكذا ينتصر الصائم في معركة الشهوات والشبهات، يجاهد نفسه فتكتمل له أسهم من مراتب الجهاد.