12 سبتمبر 2025
تسجيلبداية فإن ثقافة المجتمعات هي نتاج لما يحتويه العقل الجمعي لتلك المجتمعات وبصورة أكثر دقة، فإن توجه القيادة السياسية والقيادة الاجتماعية والقيادات المختلفة في الدولة نحو الثقافة هو أمر يوضح مدى رسوخ الفكر الحضاري في تلك المجتمعات، إذا إن العقل الجماعي للمجتمعات الحديثة يوجه الثقافة نحو خدمة الوطن والمواطن بما يضمن النمو الحضاري من خلال نشر ثقافة القراءة والتعلم والبحث والابتكار وأن الاهتمام بالقطع الأثرية من الكتب والتراث الثقافي هو أحد تلك المعالم الدالة على ثقافة المجتمع. إن الاهتمام بالمؤسسات الداعمة للثقافة مثل المكتبات العامة والمتخصصة، ومعارض الكتاب، والندوات العلمية ومراكز البحث العلمي والمجامع الثقافية، كل ذلك من معالم وأسس البناء الحضاري للمجتمعات من خلال الثقافة العامة وعلى هذا فإن توجه المجتمع القطري واحد من تلك المعالم الثقافية في العصر الحديث. إن النظرة السريعة للنمو الثقافي من خلال المكاتب العامة - قلاع الثقافة - في دول الخليج وليكن لمكتبة قطر الوطنية مثال في اندماج الزوار من خلال أعمالهم بالمكتبة ومهامها المختلفة والوفود التي تأتي لزيارتها والاطلاع على بيئة مشجعة على العلم والثقافة، إضافة إلى تخصيص بعض المقاهي والأماكن الهادئة المخصصة للقراءة أو لطلبة العلم من طلاب الجامعة أو غير ذلك من مد المساحات التي بدأت في الظهور في الآونة الأخيرة في أروقة المجتمع القطري كأماكن يرتادها طلاب العلم والباحثون، وبنظرة عامة إلى المجتمع السعودي الساعي نحو بناء ثقافة معرفية متكاملة، يجد مراده في مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء) الذي يعتبر ملاذًا للقراء ومحبي العلم والكتب والمعرفة، إذ يعد واحدا من أكبر المراكز الثقافية العامة في المنطقة، حيث يضم أكثر من 326 ألف كتاب. وتتميز المكتبة بكونها مساحة للتعلم وإقامة النشاطات، فهي مصممة لتعزيز التعلم الفردي والجماعي مع مراعاة حب القراءة والاكتشاف والسعي وراء المعرفة. لقد كان للثقافة المجتمعية واهتمامها بالمؤسسات الثقافية سواء المتعلقة بالتراث أو الحاضر والمستقبل، انعكاس إيجابي على المجتمع كله، وكما يقال إن السحب الممطرة، تحيا تحتها الأرض رياضا غناء، وإن المجتمعات الداعمة للثقافة هي غيث تحيا أجيالها بهذا الغيث وتنمو فيها بذور الحضارة الإنسانية الحقيقية، وهذا ما يلاحظه المهتمون بأثر الثقافة على المجتمعات، فقد تغيرت نظرة أبناء المجتمع الخليجي نحو العالم، وفتحت الثقافة بمؤسساتها آفاقا واسعة نحو أبناء هذا المجتمع. إن مستقبل الأوطان مرهون بمدى تطور عقول أبنائها، وإن كانت المشاريع الاقتصادية تحتاج لرأس مال يكافئ حجمها، فإن المشاريع الحضارية الكبرى يكفيها رأس إنسان مفكر يجلب كل وسائل تحقيق النجاح والتميز في شتى القطاعات الحيوية للأوطان.