10 سبتمبر 2025
تسجيلفي 15 يونيو 1974، أصدرت حكومتا جمهورية الأرجنتين ودولة قطر بياناً مشتركاً أعلنتا فيه إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. قبل خمسين عاماً، زرع قادتنا بذور شراكة امتدت إلى ما هو أبعد من التبادلات الاقتصادية، لتشمل التعاون الثقافي والتعليمي والاجتماعي. وشهدت العلاقات الثنائية بين قطر والأرجنتين ازدهاراً كبيراً خلال السنوات الماضية، خاصة بعد الزيارة التي قام بها صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني عام 2010. وبعد بضع سنوات، قام حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى بزيارتين رسميتين إلى الأرجنتين في عامي 2016 و2018. وعلى الرغم من المسافة الجغرافية التي تفصل بين قطر والأرجنتين بأكثر من 13.000 كيلومتر، إلا أن العلاقات الثنائية متماسكة بقوة، ليس فقط من خلال الإنجازات المشتركة ولكن من خلال مشاعر الصداقة العميقة المتبادلة بيننا. تم افتتاح السفارتين في بوينس آيرس والدوحة عام 2013. ومنذ ذلك الحين، نمت العلاقات الثنائية بسرعة، خاصة في المجالات التجارية والاستثمارية. وبينما يتطلع كلا البلدين إلى توسيع صادراتهما، تظهر أرقام التجارة الثنائية حاليًا تركيزًا كبيرًا على مجموعة محدودة من السلع. ثلاثة أرباع الصادرات الأرجنتينية إلى قطر عبارة عن سلع صناعية زراعية وصناعات في قطاع تشغيل المعادن الموجهة لصناعة النفط والغاز. كما يشكل قطاع النفط والغاز ثلاثة أرباع الصادرات القطرية إلى بلادنا. نحن ممتنون لقطر لوقوفها كمورد رئيسي للغاز الطبيعي المسال للأرجنتين خلال السنوات التي اعتمدت فيها بلادنا على واردات الغاز لتلبية طلب كل من الأسر والصناعة. ونظرًا لكون الأرجنتين لها اقتصاد متنوع يقوم بتصنيع وتصدير مجموعة واسعة من السلع والخدمات، فأنا على ثقة من أن الأرجنتين توفر فرصًا كبيرة للمستثمرين القطريين في مختلف القطاعات. من بينها يمكننا تحديد صناعة الأغذية الزراعية، وتبادل التكنولوجيا في مجال صحة الحيوان والمسائل الصحية، ونظام جودة المختبرات، وتشخيص داء البروسيلات ومرض الحمى القلاعية، ومكافحة اللقاحات، وأمراض الطيور، والتشخيص المصلي والجزيئي، والتصنيع، والبنية التحتية، والسياحة، المعادن والطاقة، ناهيك عن شركات الخدمات القائمة على المعرفة الديناميكية والتي لها تأثيرعلى مجموعة واسعة من الصناعات. ومن أجل تعزيز التعاون الاقتصادي الثنائي، سيكون من المهم لبلدينا استكشاف أوجه التكامل الممكنة في التبادل داخل الصناعة. وفي هذا الصدد، أعتقد أن قطاع الخدمات القائمة على المعرفة يمكن أن يكون بمثابة محفز لعلاقة اقتصادية متجددة تعود بالنفع على كلا الجانبين. ولكن لا يمكن حصر كل شيء في الجانب التجاري والاقتصادي، فقد تمكنا من تحقيق نتائج ممتازة في تعاوننا في مجال التعليم، وكذلك في المجالين الثقافي والرياضي. وهذا يساهم بلا شك في تحقيق التكامل الواقعي والمستدام لشعوبنا مع مرور الوقت. ولدينا دليل واضح على عملنا المشترك، حيث إننا توصلنا خلال السنوات الماضية إلى أكثر من 40 اتفاقية أو مذكرة تفاهم، منها تلك التي تم التوقيع عليها بالفعل، أو الجاهزة للتوقيع، أو في المرحلة النهائية من المفاوضات. ولا بد من التأكيد على أن الأرجنتين وجدت في قطر دولة تتمتع بالكرم وذات حضور ملحوظ على المستويين الإقليمي والدولي، والمعروفة بمساعدتها ودعمها ليس فقط للدول النامية، بل أيضا على الساحة الإنسانية الدولية، وأصبحت رائدة إقليميا في هذا المجال. وكمثال على هذا الكرم، أود أن أؤكد أنه خلال جائحة كوفيد- 19، قدمت قطر المساعدة من خلال مختلف المنظمات والأفراد، مما أتاح، من بين تلك الإمدادات الأخرى، الأقنعة والأغذية غير القابلة للتلف، في حين ساعدت الخطوط الجوية القطرية في توفير المساعدات الإنسانية في إعادة المواطنين الأرجنتينيين العالقين في آسيا إلى وطنهم. وفي هذا الصدد، نشيد بدولة قطر لدورها المحوري كوسيط في العديد من النزاعات الدولية والإقليمية. إن التزام دولة قطر بالحوار والسلام لا يقدر بثمن، وتشيد الأرجنتين بجهود الدوحة في حفظ السلام والمبادرات التعاونية التي تعزز الاستقرار العالمي وحل النزاعات. هناك أيضًا علاقة خاصة بين بلدينا، متجذرة في الاحتفال العالمي بالرياضة. في 18 ديسمبر 2022، رفع المنتخب الأرجنتيني لكرة القدم، بقيادة ليونيل ميسي، كأس العالم على ملعب لوسيل الشهير، أمام أكثر من 84.000. ويشرفني أن أشهد كيف تم الترحيب الحار بأكثر من 40.000 أرجنتيني من قبل السلطات القطرية وشعب هذا البلد الرائع خلال البطولة، مما ولد شعورًا بالأخوة الحقيقية بين الشعبين والتي ستستمر إلى الأبد. علاوة على ذلك، فإن العديد ممن زاروا دولة قطر خلال البطولة وجدوا فرصًا واعدة في الدوحة، مما أدى إلى توسيع مجتمعنا الأرجنتيني الدائم والنشط للغاية هنا في البلاد. ومع استضافة نسخة 2022، تكون دولة قطر قد استحقت فصلها بطريقة رائعة. لقد وضعت استضافة دولة قطر النموذجية لبطولة كأس العالم لكرة القدم معايير جديدة في مجال الضيافة وإدارة الفعاليات، مما يبرز ويؤكد قدرات قطر. وبالنسبة لبلدي، الذي يعد واحدًا من أكبر فصوله حتى الآن، حيث تتلألأ الآن نجمة ثالثة على صدورنا، مباشرة فوق العلم الأرجنتيني المنقوش على كل قميص من قمصاننا. ومن الآن فصاعدا، سيظل اسم هذا البلد حاضرا إلى الأبد في أفواهنا وقلوبنا. وقد أثرت المنافسة أيضًا على جانب رئيسي آخر في العلاقة، حيث عززت قطاعي السياحة والضيافة بشكل كبير. نظرًا لأنه منذ عام 2018، أصبح بإمكان المواطنين القطريين زيارة الأرجنتين لأغراض سياحية أو تجارية دون تأشيرة، وينطبق نفس الإعفاء على الأرجنتينيين الذين يرغبون في القدوم إلى قطر، وهناك اهتمام متزايد بين المواطنين لاكتشاف المناظر الطبيعية والثقافات والتاريخ في بلدهم والوجهات. لقد مرت خمسون سنة منذ إضفاء الطابع الرسمي على الرابطة التاريخية والسلمية بين البلدين. وبهذه المناسبة، ونيابة عن بلدي وشعبي ونفسي، أود أن أحيي حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى ودولة قطر ونحن نحتفل بهذا الإنجاز.