12 سبتمبر 2025

تسجيل

لماذا فشل حصار قطر في تحقيق أهدافه (2-2)

13 يونيو 2018

•تحفيز المنتج المحلي ودعم القطاع الخاص •سياسات اقتصادية ودبلوماسية وإعلامية حكيمة  •تبني حزمة من السياسات لجذب السياحة العالمية •اللجوء للقانون الدولي لفتح مسارات للطيران القطري نتناول في الجزء الثاني والأخير من ورقة " لماذا فشل حصار قطر في تحقيق أهدافه؟"، مصادر قوة قطر التي مكنتها من تخطي الحصار باتباع سياسات اقتصادية سليمة، وسياسات دبلوماسية وإعلامية حكيمة ورصينة أكسبتها ثقة وتأييد الداخل، ومصداقية واحتراما في الخارج، ودخلت في تحالفات مع قوى إقليمية. فضلا عن توظيف الآلة الإعلامية الجبارة ، مع بروز نخبة من الكفاءات الوطنية، لتثقيف الجمهور وتعزيز الثقة والدفاع عن قطر في المحافل الإقليمية والدولية. • مصادر الانكشاف  • التجارة الخارجية: الانكشاف محدود بسبب قلة تنوع اقتصادات دول المجلس ومحدودية الاستيراد منها. فتبلغ نسبة الاستيراد من إجمالي واردات قطر من الإمارات حوالي 9 % (معظمها تجارة إعادة تصدير من خلال ميناء دبي وتبلع 4 % من أكبر اقتصاد في المنظومة وهو الاقتصاد السعودي (IIF, 2017) 2.) إلا أنها متركزة في بعض السلع الأساسية للمستهلك كمنتجات الألبان وبعض منتجات الخضراوات والدواجن ومواد البناء. وهذه سلع معظمها غير معقدة الإنتاج ويمكن تحقيق قدر جيد من إنتاجها محلياً، كما يمكن استيرادها بيسر من مصادر أخرى وتعويض النقص منها بالأسواق بمرونة عالية، وهذا ما جرى بالفعل. ولكن كان الاعتقاد السائد سابقاً أن دول المجلس هي منظومة واحدة ودولها مكملة لبعضها البعض، لذلك فلا ضير من الاعتماد على بعضها البعض في تلبية احتياجاتها السوقية. بل إن تكامل الأسواق وحرية حركة البضائع وعوامل الإنتاج والأفراد هدف أساسي من أهداف مجلس التعاون ونصت عليها الاتفاقية الاقتصادية الموحدة لدوله، ولم يخطر ببال أحد أن يأتي يوم يحظر فيه دخول منتجات أساسية إلى أحد أعضائه، كمنتجات الألبان او الحليب او الأدوية وغيرها من سلع أساسية، من دولة جارة شقيقة. وبإيجاز تتمثل مصادر الانكشاف وتبعاته في التالي: أ‌.  انكماش محدود في حجم التجارة الخارجية: تراجع مؤقت للاستيراد في أول شهر من الحصار (40 % على أساس سنوي ومعاودة الارتفاع في شهر أغسطس بعد تحويل مصادر ووسائط الاستيراد (FT (20183. ب‌. ارتفاع محدود في الأسعار: ارتفاع تضخم المواد الغذائية في أول شهرين من الحصار ( إلى 4.5 % على أساس سنوي) وتراجعه في أغسطس (إلى 2.8 %) مع بقاء التضخم العام في منطقة السالب  NBK (2017)4. ت‌. منفذ ومعبر بري واحد (سلوى)، وتركز كبير للاستيراد في إعادة التصدير من ميناء إقليمي واحد (دبي). • قطاع السياحة: خدمات النقل والسياحة ستكون الأكثر تأثراً بالحصار السياحي–الاجتماعي وحظر النقل والطيران، وهي صناعة يقدر حجمها ب 15 مليار دولار في العام 2016 - IIF (2017). • ردود أفعال السياسات للحصار التجاري والسياحي  أ‌. تدخلت الحكومة بسرعة عندما تعطلت آليات استيراد الأسواق في بعض السلع بفعل الحصار، ولعبت دورها كمستورد وموزع وكمحافظ على الأسعار، ونوعت مصادر ووسائط الاستيراد، وفتحت مصادر وخطوط إمداد جوية وملاحية جديدة واستخدمت البنى التحتية ذات الطاقات الاستيعابية العالية (مطار حمد وميناء حمد) لتخطي دول الحصار، والوصول إلى مصادر الاستيراد الأصلية مباشرة لضمان تدفق السلع والحفاظ على الأسعار لتبقى في حدودها التنافسية، فكان هناك تنوع أكبر مع جودة في السلع لاختيار المستهلك وبأسعار مناسبة. وانكماش حجم الاستيراد وارتفاع تضخم المواد الغذائية في أول شهرين من الأزمة ثم عودتها إلى مستوياتها الطبيعية هو دليل على نجاح الحكومة في التقليل من أثر الصدمة الأولى للأزمة وتخطيها بنجاح.  ب‌. توسعت الطاقات التخزينية لأغراض الأمن الغذائي والإمداد اللوجستي بالمواد الأولية وتطوير مدن لوجستية وصناعية واقتصادية لذلك الغرض. ت‌. زيادة إنتاج الغاز بنسبة 30 % إلى 100 مليون طن سنوياً، وهذا سيشكل مصدرا لتعزيز استقرار واستمرارية القطاعين الحقيقي والمالي وسيعزز من عامل الثقة في الاقتصاد، وسيعمل على جذب الاستثمارات الأجنبية والتعويض عن الانخفاضات المحتملة في الاحتياطات الأجنبية بفعل الحصار وتبعاته. ث‌. تبنت سياسات محفزة للمنتج المحلي ودعمه للقطاع الخاص في مجال الإنتاج الحيواني والزراعي. ج‌. تبني حزمة من السياسات لجذب السياحة العالمية  ح‌. اللجوء للقانون الدولي لفتح مسارات للطيران القطري. التوصيات: 1- الاستمرار في تنويع مصادر ووسائط الاستيراد والشركاء التجاريين والاستثمارات الخارجية. 2- توسيع الطاقات التخزينية لتصل إلى سنتين على أقل تقدير (لأغراض الأمن الغذائي والإمداد اللوجستي بالمواد الأولية وغيرها). 3- مكافحة الممارسات الاحتكارية . عامل الثقة • مصادر القوة: الأصول الحقيقية (فوق الأرض وتحتها) والمالية الضخمة المتوافرة للاقتصاد القطري والسياسات المضادة التي اتخذتها قطر لمواجهة الأزمة الاقتصادية والدبلوماسية والامنية على كافة الأصعدة—اتبعت سياسات اقتصادية سليمة لمواجهة الأزمة الاقتصادية، وسياسات دبلوماسية وإعلامية حكيمة ورصينة أكسبتها ثقة وتأييد الداخل، ومصداقية واحتراما في الخارج، ودخلت في تحالفات مع قوى إقليمية. • زيادة إنتاج الغاز بنسبة 30 % ستعمل على:  أ‌.  تعزيز الثقة في الاقتصاد القطري. ب‌. جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة. ت‌. زيادة دخل القطاع الهيدروكربوني ستعوض عن انخفاض النمو في القطاع غير الهيدروكربوني، وترفع نمو الناتج المحلي حسب التوقعات إلى ما يفوق 3 % في عام 2018 مع بدء الإنتاج من حقل برزان العملاق للغاز.   ث‌. التعويض عن الانخفاض في الاحتياطات السيادية، بسبب دعم القطاع المالي وقطاع الاستيراد أو غيرهما بسبب الحصار.  ج‌. تعزيز حصة قطر في أسواق الغاز العالمية. • مصادر الانكشاف: أ‌. من الطبيعي أن يكون لاستمرار الحصار والتوتر السياسي أثار سلبية على عامل الثقة تنعكس سلباً على بيئة الأعمال والاستثمارات والودائع والتمويل، وبالتالي تنعكس سلباً على نمو القطاع غير الهيدروكربوني، حيث من المتوقع أن ينخفض بنسبة 1.3 % من 5.3 % قبل الأزمة إلى 4 % لعامي 2017، و2018 (NBK, 2017). لكن القطاع الهيدروكربوني لن يتأثر بالحصار وهناك خفض طفيف في توقعات نمو هذا القطاع ب 0.2 ليصبح 0.5  نتيجة الالتزام بحصة قطر في منظمة أوبك وتقليص الإنفاق ليصبح توقع النمو العام 1.8-2 % (World Bank, 2017) لعام 2017 و4 % لعام 2018. ب‌. بث الإشاعات والتحريض. ت‌. التآمر لمحاولة زعزعة استقرار العملة والقطاع المالي. • ردود أفعال السياسات لتعزيز عامل الثقة: أ‌. توظيف الآلة الإعلامية الجبارة لقطر، مع بروز نخبة من الكفاءات الوطنية، لتثقيف الجمهور وتعزيز الثقة والدفاع عن قطر في المحافل الإقليمية والدولية. ب‌. تدخلت الحكومة بزيادة إنتاج الغاز (من 77 إلى 100 مليون طن)، وهذا سيدعم القطاعين الحقيقي والمالي وسيعزز عامل الثقة. ت‌. افتتاح بعض مشاريع البنى التحتية (ميناء حمد، المدن اللوجستية، وغيرها). والاستمرار  في برامج البنى التحتية وكأس العالم وتنويع الاقتصاد كما كان مخططاً لها، وهذه تعطي إشارات إيجابية للمستثمرين. ث‌. خطط ومشاريع التنويع متوسطة الأجل والافصاح عنها. التوصيات  1 - الإفصاح والشفافية في طرح المشاكل والحلول ورسم وتنفيذ السياسات.  2 - الاستمرار في تنفيذ مشاريع البنى التحتية كما كان مخططا لها ما لم يكن هناك موانع فنية مع الإفصاح عنها. 3 - تصميم سياسات الإصلاح الهيكلية طويلة الأجل لتنويع الاقتصاد والإفصاح عنها. 4 - أية سياسات أو مشاريع تحمل رسائل إيجابية للمستثمرين. 5 - العمل على التوظيف الأمثل لوسائل الإعلام والكفاءات القطرية لشرح الموقف القطري والدفاع عن حقوق قطر في المحافل المحلية والإقليمية والدولية. 6 - العمل على تنويع الشركاء التجاريين والماليين والاستثمارات الخارجية في دول مؤثرة اقتصادياً وسياسياً على الساحة العالمية مع الإفصاح والشفافية.