30 أكتوبر 2025

تسجيل

تلك حدود الله 

13 يونيو 2018

يقول السعدي: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ) التي حدها لعباده، ونهاهم عنها، فقال: (فَلَا تَقْرَبُوهَا) أبلغ من قوله: "فلا تفعلوها" لأن القربان، يشمل النهي عن فعل المحرم بنفسه، والنهي عن وسائله الموصلة إليه. والعبد مأمور بترك المحرمات، والبعد منها غاية ما يمكنه، وترك كل سبب يدعو إليها، وأما الأوامر فيقول الله فيها: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا) فينهى عن مجاوزتها.   ويمكن القول من خلال استقراء الآيات المذكور فيها ( حُدُودُ اللَّهِ) أن المراد الحدود التي جعلها الله لتنظيم بعض العلاقات الاجتماعية وعلاقات الرجل بالمرأة ولضمان حقوقها، حتى لا يُجار عليها.  وقد ورد هذا المصطلح في سياق تحريم الرشوة وأكل أموال الناس بالباطل وأثناء الحديث عن إحسان العِشْرة الزوجية في حال الاتفاق أو الفراق وفي التأكيد على حقوق النساء وتحريم ظلمهن، وفي أحكام الطلاق والعدة المترتبة عليه وعندما تحدث عن دعوى الظِهار، وأحكام الكفَّارات الواجبة على مَنْ تورط في إثمه، وبعدما فصل في أحكام الميراث بإعطاء كل ذي حقٍ حقَّه.  يقول د. عبد العزيز كامل: الذين يصرون على اختصار الشريعة واختزالها في إقامة حدود العقوبات، التي تمثل شُعبة واحدة من شُعَب الإيمان البِضع وسبعين؛ هؤلاء جهلوا أو تجاهلوا أن (حدود الله) لها مفهومٌ أرحب ضمن تكاليف أوْجب، تعُم المخاطبين وتشمل كلَّ المكلفين... فجميع المسلمين - وليس الحُكام فقط - عليهم مسؤوليات تجاه تلك الحدود .. فهم مأمورون بحفظها، ومنهيون عن تعديها وتخطيها.. حيث اقترن ذكرها بكثير من التشريعات التي تقوم عليها العلاقات بين المؤمنين.   وفي الحديث الشريف (إن الله تعالى فرض لكم فرائض فلا تُضيعوها، وحدَّ لكم حدودًا فلا تعتدوها، وحرَّم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء من غير نسيانٍ، فلا تبحثوا عنها).  لقد أثنى الله على من يعظِّمون الشريعة ويحفظون حدودها وشَنَّع القرآن وحذر من المحادِّين لله وتوَعدهم بخزي الدنيا وعذاب الآخرة ( إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ) وقال (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ فِي الْأَذَلِّين) وقال (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَٰلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيم).  نسأل الله أن يجعلنا من الحافظين لحدوده.