12 سبتمبر 2025
تسجيلنحتاج للارتقاء بالخدمات في كافة المجالات لمواكبة العصر وملاحقة الدول الكبرى عبر التخطيط المدروس لبناء مجتمع صحي متكامليجب الإشراف على الأدوية والأجهزة الطبية والتشخيصية ووضع اللوائح والمواصفات القياسية الإلزامية لها لضمان سلامة الدواء باتت الحاجة ملحة لتأسيس "مؤسسة وطنية للعناية بالدواء" لتصبح مؤسسة ذات مسؤولية كاملة عن شؤون الدواء وتوزيعه والعناية به، مع اتخاذ الإجراءات القانونية واللازمة تجاه السير بهذه العملية لتحسين الخدمة الدوائية بشيء من الضوابط المطلوبة والاحترازية، لمنع أي تلاعب أو تزوير وتحديد شروط بيعه أو تسويقه وتوفيره بالصورة التي نتمناها مع تقديم أفضل الخدمات للمواطن والمقيم في هذا المجال المهم، الذي يؤثر بشكل كبير في حياتنا الصحية. وما من شك في أن تفرد دولة قطر وتميزها اليوم دون بقية الأمم يجعلنا نسعى لنصبح متفردين في شتى المجالات، ووجود مؤسسة خاصة تعنى بالدواء وصناعته وسلامته بات من الضرورات، لكي نكون في المقدمة دائما ولا نرجع إلى الخلف في هذا الميدان . الذي جعلني أتناول هذا الموضوع المهم في مقال اليوم هو أن وزارة الصحة تلقى عليها من كل النواحي جميع المسؤوليات من خلال الأعباء فيما يتعلق بالصحة وهمومها التي لا تنتهي، إلا أن الأمر بات ضروريا لتخصيص مؤسسة مستقلة للرعاية بالدواء وتسويقه وتوفيره للأفراد والمؤسسات بشكل يرقى لخدمات عالية الجودة ولا يقل عن أفضل المواصفات العالمية، فنحن نعيش في دولة تهتم بالتنمية والارتقاء بالخدمات في كافة المجالات لمواكبة العصر والتطور وملاحقة الدول الأخرى عبر التخطيط المدروس لبناء مجتمع المعرفة والمعلومات والتوعية الصحية اللازمة بكل ما نملك من وسائل متاحة لتحسين تلك الخدمات ومنها بكل تأكيد تحسين خدمة الدواء .مؤسسة لضمان الرقابة وسلامة الدواء لقد بات الأمر يتطلب إنشاء مؤسسة مستقلة ذات شخصية اعتبارية مع اتصالها اتصالا مباشرا برئاسة مجلس الوزراء، أسوة ببعض الدول المجاورة كالمملكة العربية السعودية – مثلا –، أو ضمها مع وزارة الصحة، وذلك لضمان الإجراءات التنفيذية والرقابية وسلامة الدواء للإنسان والحيوان .هذا بجانب السعي للعناية بسلامة المستحضرات الحيوية والكيميائية، وكذلك المنتجات الإلكترونية التي تمس صحة الإنسان، مع الإشراف على الأدوية والأجهزة الطبية والتشخيصية، ووضع اللوائح والمواصفات القياسية الإلزامية لها، والتركيز في المقام الأول على المستوردة منها أو المصنعة محلياً، ويجب أن يقع على عاتق هذه الهيئة توعية المستهلك بكل ما يتعلق بالدواء والأجهزة الطبية وكافة المنتجات والمستحضرات المتعلقة بالدواء والعلاج .ماذا نريد من مؤسسة الدواء؟ وهذه المؤسسة مطالبة بأن تهدف لتحقيق عدة جوانب منها:أولا: العمل على وضع السياسات والإجراءات الواضحة للدواء مع التخطيط لتحقيق هذه السياسات وتفعيلها وتحديثها باستمرار. ثانيا: المتابعة والمراقبة والإشراف على الإجراءات الخاصة بالتراخيص للمصانع والصيدليات الدوائية والأجهزة الطبية بأنواعها المختلفة.ثالثا: تعزيز البحث العلمي في مجال الدواء للتعرف على المشكلات الصحية وأسبابها وتحديد آثارها السلبية في مجال الدواء.رابعا: التواصل مع المؤسسات الإقليمية والمنظمات العالمية بخصوص تبادل المعلومات حول الدواء وآخر المستجدات وتوعية المواطن والمقيم بذلك، وإعداد قاعدة معلومات عن الدواء. خامسا: توحيد الجهود في مجال الدواء وعدم السماح لأي تلاعب، فالدواء يجب أن تكون مسؤولة عنه جهة واحدة فقط، لعدم تشتيت الجهود لتصبح تحت مظلة واحدة .سادسا: اعتماد مبدأ الثواب والعقاب ضد الأشخاص أو الجهات التي تتولى تخزين وبيع الدواء ومدى سلامته وتجنب الأخطاء الدوائية .وإذا كانت الدولة مطالبة بإشهار مثل هذه المؤسسات المهمة فإن القطاع الخاص ورجال الأعمال يتحملون جزءا من هذه المسؤولية لإنشاء مؤسسة الدواء هذه، مع العمل على بناء بنية أساسية لهذه المؤسسة بعيدا عن تخوفهم من هذا المجال الذي لا يفضل رجال الأعمال الدخول فيه بسهولة .وهذا يتطلب – كما جاء على لسان إحدى الصحف القطرية – العمل على:إقامة صناعة تحتاج إلى مراكز أبحاث وتطوير ومواد خام وجهات تسويق للمنتج الذي لن يجد ترحيباً في سوق صغيرة. وبين رجال أعمال أن حزمة من الأزمات تعصف بأية محاولة من جانبهم لدخول هذا المعترك الاستثماري القوي، وفي مقدمتها ارتفاع حجم المخاطر فضلاً عن طول فترة دوران رأس المال، إلى جانب غياب كافة مقومات هذه الصناعة في السوق المحلية، ولكنهم أشاروا في الوقت نفسه إلى قدرة الحكومة على إقامة هذه الصناعة عبر شراكة استراتيجية مع المصانع والشركات العالمية لخطوط إنتاج صغيرة تلبي حاجة السوق والتصدير للخارج. حيث يقول أحدهم إن رجال الأعمال ليسوا مستعدين ولا تتوفر لديهم الرغبة في الاستثمار في صناعة الدواء بسبب ارتفاع درجة المخاطرة، فضلاً عن أن فترة دوران رأس المال كبيرة جداً مقارنة بالاستثمار في باقي المجالات الاقتصادية ذات الربحية العالية، لافتاً إلى أن صغر حجم السوق القطرية يعد أحد الأسباب المهمة في العزوف عن الاستثمار بهذا القطاع، موضحاً إمكانية أن تتسع رقعة هذه السوق بأن يتم تخصيص خطوط إنتاج للتصدير إلى الخارج، وأن صناعة الدواء لابد أن تكون بعيدة عن سيطرة الحكومة، وأن يقتصر دورها على دعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة .رؤيتنا الوطنية تسعى لهذا الهدفوالمتابع لرؤية قطر الوطنية 2030 يجد أنها جاءت لتحقيق هذا الهدف المهم في مجال الارتقاء بالجانب الصحي وتنمية الإنسان القطري بالشكل الصحيح والمطلوب في هذا التوقيت بالذات، فالتنمية البشرية هي الأساس والرعاية الصحية باتت تتطلب تحقيق الاهتمام بسلامة وصحة الإنسان، ومن ذلك الاهتمام بتوفير الدواء السليم والنظيف لهذا الإنسان من خلال خلق مؤسسة لمتابعة هذا الشيء، ليعيش الجميع في بيئة سليمة أساسها "العقل السليم في الجسم السليم"، مع توفير كل سبل الراحة للمواطنين والمقيمين دون استثناء .في الختام الأهم من ذلك تحديد بعض المعايير العالمية لاستهلاك الدواء في المجتمع القطري مع التركيز على سلامة المنتجات، وبخاصة تلك المنتجات التي يتم تسويقها إلكترونيا وأهميتها على الصحة العامة، لأن الرقابة مطلوبة لسلامة صحة الإنسان. هذا بجانب الاهتمام بصناعة الدواء في قطر والتوسع فيها بشكل أكبر مما عليه الآن . كلمة أخيرة **قال أبقراط: ليكن الغذاء هو دواؤك، وليكن الطب هو غذاؤك.