11 سبتمبر 2025
تسجيلليس من الريب في أن للأدب ذاتيته، وموهبته، وللعلم موضوعيته ونسقه، الأدب رحم منه يولد الناس، ودنيا فيها يعيشون ويكبرون، يتشوقون ويضحون، يحبون ويكرهون، يفرحون ويحزنون، ينتصرون ويهزمون، يسعدون ويتألمون، يبدعون ويجسدون، يحلمون ويتطلعون ثم يموتون، وللعلم تجريداته ونظرياته، معادلاته ورياضياته، مصطلحاته ومختبراته، كيمياؤه وفيزياؤه، ذراته ومجراته، أحياؤه، وجيناته، رموزه وآثاره العقلية والتقنية والاجتماعية المباشرة وغير المباشرة.. إلخ، للأدب عالمه الخاص من العقائد والآراء والدوافع والمشاعر والأفكار والثقافات.. عالم التواصل الشفهي والكتاب، عالم اللغات وإيحاءاتها وتلميحاتها، وغموضها ووضوحها، وشعرها ونثرها، جميلها وبديعها، وآثارها المتنوعة فكراً ووجداناً، ثقافة وعرفاناً، وللعلم طرائقه في البحث، وأسلوبه ونهجه في التفكير، سواء أكان موضوعه الفيزياء أو التاريخ، أو الطب أو الفلسفة أو غيرها.لقد ظن البعض أن من يدرس الأدب يعد "أديباً" وأن دارس العلم يعد "عالماً" لكن شتان بين الدراسة والممارسة، فعبر حضارتنا العتيدة كان ومازال لدينا مفكرون وأدباء وشعراء وفنانون لهم أياديهم وأفكارهم وآراؤهم ومدارسهم ودراساتهم العلمية وهناك أطباء ومهندسون وكيميائيون.. إلخ، يقرضون الشعر، ويكتبون المقال والقصة والرواية والمسرحية، ويبدعون في الفنون التشكيلية .. إلخ.إن المتأمل يلاحظ أن العقل الإنساني غير محدود بقدراته وإدراكاته وما يمكن للإنسان أن يتقنه في حياة واحدة، فالمرء يمكنه إتقان أكثر من لغة، ويتبحر في علوم ونحويات وبلاغة لغته الواحدة الخاصة، ويتقن في ذات الوقت أصول الحساب والجبر والرياضة العقلية بالتدريب والمران والممارسة يمكنه إتقان علوم مختلفة وأمثلة وشواهد الماضي العربي والمسلم تثبت ذلك.وبالله التوفيق.