12 سبتمبر 2025

تسجيل

الوالد علي بن حمد العطية

13 يونيو 2015

منذ عام تقريبا كنت على موعد مع والدي لزيارة الوجيه الوالد علي بن حمد بن عبدالله العطية في مجلسه بالسيلية لأسجل رواياته التاريخية وما اكتنزته ذاكرته عن قطر وماضيها الأصيل الطيب، و ما إن وصلنا مجلسه الميمون و دخلنا عليه حتى قام كعادته – رحمه الله وجعل مثواه الجنة - متهللا مرحبا بنا ترحيباً حاراً، و قد كان معروفا برحابة صدره و حسن وفادته، ولما عرفني أجلسني وأدناني بجواره وقد أهديته باكورة مؤلفاتي وهو كتاب "اللؤلؤ النقي في تراث العلامة محمد بن حسن المرزوقي القطري" و تجاذبنا أطراف الحديث عن الشيخ المرزوقي - رحمه الله – وما إن أنهيت الكلام عن ترجمته التي جهدت في اختصارها حتى أبصرت عيني الوالد علي تنهملان وعقب قائلا: "هذا العلم هو الباقي و خير العلوم التي يقصد بها وجه الله – سبحانه وتعالى -"، ثم شرعت معه – رحمه الله – في استخراج ما لديه من كنوز تاريخية كان فيها الشاهد العدل على العصر المنصرم، حيث بدأت بسؤاله عن الشيخ عبدالله بن قاسم - رحمه الله - فقال أذكره جيداً و قال لي لا زلت أذكر حينما كنت أرافقه في سيارته لمزرعته صحبة حفيده الصالح الشيخ عبدالعزيز بن حمد آل ثاني – رحمة الله على الجميع - و الذي كانت تربطني به علاقة حميدة – يقول الوجيه -. و قد ذكر من مناقبه الشيء الكثير و قال كان الشيخ عبدالله بن قاسم متزوجا من العمة مريم بنت عبدالله العطية المعروفة بالجود والكرم، و من قصص جودها أنه حينما يأتي موسم ثمر السدر (الكنار) كانت تأمر الخدم بتوزيع المحصول على جميع الناس و خاصة منهم الفقراء، و بعدها سألته عن الشيخ محمد بن عبدالعزيز المانع – رحمه الله - فقال إنه قابله في مجلس الشيخ علي بن عبدالله - رحمه الله - و قال عن الشيخ ابن مانع إنه لا يتكلم إلا بفائدة، و ذكر الوالد علي أن والده كان ممن قرأ على الشيخ ابن مانع و لكن لم يمكث في الدراسة كثيراً و جلس يترحم على هؤلاء الصالحين، و عندما أبديت الرغبة في الاستزادة منه قال لي أولاً واعدني على عشاء فاعتذرت له و قلت لا داعي فأصر -جزاه الله خيراً- و قال تتعشى معي و بعدها نتحدث باستفاضة كما تريد و لكني كنت على سفر إلى الرياض و منها إلى السودان في زيارة علمية دعوية للتدريس في جماعة أنصار السنة المحمدية، و يقدر الله اليوم أن يفاجئني خبر وفاته – رحمه الله - وهو الوالد الموسوم بالأخلاق الحميدة و الصفات النبيلة و قد تأثرت لهذا الخبر و لكن عزاءنا أن ممن أثنى عليه في مواقع التواصل الاجتماعي ثلة من المشايخ و الأفاضل كشيخنا فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبدالرحمن العريفي و فضيلة الشيخ الدكتور نبيل العوضي وغيرهم من أهل العلم والفضل، وقد شهدت مع جمع غفير من المسلمين الصلاة على جنازته – رحمه الله - بعد صلاة العشاء من ليلة الجمعة الموافق الخامس والعشرين من شهر شعبان لعام ستة و ثلاثين و أربعمائة و ألف من هجرة سيد الأولين و الآخرين - عليه أفضل الصلاة و أزكى التسليم - في جامع الإمام محمد بن عبدالوهاب، و كان في مقدمة من صلى عليه سمو أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد و سمو الأمير الوالد و عدد من العلماء و الأعيان يتقدمهم فضيلة إمام الجامع فضيلة الشيخ يوسف بن أحمد عاشير، و بعدها دفن في مقبرة الريان، فرحمه الله رحمة الأبرار و جمعنا به في دار الأخيار، مع جمع من الأفاضل من أعيان قطر والذين سبقونا إلى دار الحق في هذا العام 1436هـ كالمؤرخ المعمر الشيخ جاسم بن ثاني و الوالد الصالح علي بن خميس الكواري فرحمهم الله جميعا وأكرم نزلهم، وإن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا على فراقهم لمحزونون، وأختم هذا المقال بما يناسبه من شعر مؤثر يصف مثل هذه الحال:إذا ما مات ذو علم وتقوى فقد ثلمت من الإسلام ثلمةوموت الحاكم العدل المولىبحكم الشرع منقصة ونقمةوموت العابد القوام ليلايناجي ربه في كل ظلمةوموت الفارس الضرغام صبراوقد شهدت له بالنصر عزمةوموت فتى كثير الجود محلفإن بقاءه خصب ونعمةفحسبك خمسة يبكى عليهم وباقي الناس تخفيف ورحمةو صلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين.الدوحةشعبان 1437هـ