19 سبتمبر 2025
تسجيلدمشق تصر على مواصلة الحل الأمني وتعرض هامشيات إصلاحية مع عناد نظام العصابة في سوريا ومراهنته على الحل الأمني الدموي الوحشي الانتقامي من مواكب الحرية التي نجزم أنه لن يكون تراجع أبداً عن المطالبة بها بل إن جمعة العشائر التي مرت وهي بالطبع حق لهذا الفصيل المهم من مكونات المجتمع السوري أن ينتصر لدوره ويعرف حجمه في البلاد وأنه منحاز للوطن إلا بعض المنافقين المنتفعين من الحكومة على حساب الشعب، إن هذه الجمعة وما تلاها قد أثبتت أن الاحتجاجات امتدت واشتدت واحتدت أكثر مما سبقها من مظاهرات الجمع السالفة وسقط فيها من المتظاهرين 39 شهيداً وفاء لله والوطن الغالي من طغمة لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة بل هم إنما ساروا ويسيرون على مبدأ عدالة الهمجيين الذي هو الانتقام كما قال فرانسيس بايكون، هذا الانتقام الذي إن تأخر وقتا عن ضرب مدينة أو منطقة أخرى فإنما يتأخر لا للنظر بالعدول عنه بل لتكون الضربة أشد قساوة كما يقول جون فورد لأن مثل هؤلاء القتلة الذين فاقوا بربريات القرون الوسطى لا يرضيهم إلا هذا الأسلوب وقد أثبتوا أنهم يعيشون خارج الإنسانية والتاريخ وقد صدق الشاعر إذ يناديهم: أيها القاتل المؤسس نهجا دمويا وتشهد الأمصار نعم إن جميع مدن ومناطق وقرى الشام الأبي لتشهد على ذلك شهادات كتبت بالدم والسجن والتشريد والنفي والطرد والتمثيل والاغتصاب ونهب البيوت وحصار درعا وبانياس وحمص واليوم الهجوم الشرس بالدبابات والمدرعات ووحدات النقل العسكرية التي ضربت طوقا كاملا على بلدة جسر الشفور – محافظة ادلب وكذلك محاصرة معرة النعمارية التي يرقد فيها الشاعر العالمي أبي العلاء المعري. لقد هبوا لقتل الأحرار من الجيش الذين رفضوا قتل الشعب. ولكن ادعت الداخلية السورية ووزارة الدفاع وجود عصابات مسلحة في جسر الشفور وكان لابد من مهاجمتها إذ إنها قتلت على زعمهم 120 من قوات الحكومة ولابد للانتقام أن يأخذ دوره كما رووا ويروون من هذه الروايات الكاذبة المستمرة كل يوم مندسون وسلفيون وإرهابيون وعصابات مسلحة، ولم يجرؤوا على القول إنهم والعديد من ضباط وأفراد الجيش السوري رفضوا إطلاق الناس على المتظاهرين السلميين واعترضوا على هذه المجازر والمذابح فما كان من الجزارين إلا أن قتلوهم ثم ادعوا أمام الشعب أن العصابات المسلحة المدعاة هي التي تقتل ولقد أفاد بهذا جميع من تمكن من الفرار من قطعته المسلحة وكذلك الضباط المنشقون كالمقدم الذي ظهر بالصوت والصورة وبين سبب انشقاقه هو ورفاقه وكذلك من انضم إليهم من الضباط والعسكريين الذين أدلوا بشهاداتهم الموثقة التي أيدها أيضاً النازحون المدنيون وعرفوا حال الجيش لدى دخوله جسر الشفور وهو يقوم بعملية تطهير بلا أدنى رحمة حتى لم تنج الدواب في الطرق من قتله بادئا بحرق المحاصيل الزراعية وهو في طريقه إلى البلدة التي بدت مدينة أشباح حيث لم تتمكن من القيام هذه الجمعة بمظاهرة نتيجة الحصار والتطويق كما فعل بدرعا أختها من قبل، ولأن الجميع في سوريا يعرف طبائع هؤلاء الوحوش فقد قرر كبار السن والنساء والأطفال مغادرة البلدة والنزوح باتجاه تركيا القريبة من الحدود، حيث تم ذلك خوفا من القتل أو التعذيب والإهانة بل الاغتصاب والخطف والإجهاز على الجرحى، وتدبروا أمرهم وعزموا على اللجوء والهجرة لأنهم مخرجون لا بإرادتهم وإنما الفرار من الضيم كما قال الشاعر ارحل بنفسك عن أرض تضام بها ومع أن رسول الله صلى الله عليه قال: السفر قطعة من العذاب بل قالت عائشة رضي الله عنها: لولا أن رسول الله قال: السفر قطعة من العذاب لقلت العذاب قطعة من السفر، وهذا من بلاغتها التي توضح آلام السفر الحسية والمعنوية، وهذا ما يكون بالرضا غالبا فكيف بمن يجبر على ذلك ويهاجر ويترك كل شيء إلا ما خف حمله حفاظا على الثوابت والمبادئ والقيم، وقد تحدثت نسوة وهن يبكين بعد وصولهن إلى الحدود التركية كيف تم نهب البيوت، ونحن لا نستغرب ذلك فهذا ما فعلوه في درعا قبل جسر الشفور وكذلك عندما تنفرج الأمور إن شاء الله سيسمع العالم كله عن الأخلاق المنحطة التي يعيش فيها مثل هؤلاء الأراذل وها هو اليوم يدخل الجيش السوري المعد على تركيبة قد لا تسمح إلا لمن استطاع بالانشقاق عنه، إذ إنه بتشكيلته الغالبة وإنما هو من كثرة الشعب لا من الندرة الحاكمة التي نصبت نفسها أميرة على كل سرية فضلا عن الكتائب والفرق والألوية ولم يكن أمام الجنود إلا الطاعة وإلا فإنهم سيقتلون، ماذا ننتظر من مثل هؤلاء في جيش تمنع فيه الصلاة علنا ويمنع إعفاء اللحية لمن أرادها ولا يقوم مسؤولوه خاصة الذين لا قيمة للدين والخلق عندهم بأي عبادة أو تربية وطنية حقيقية وإنما بالتعصب فقط لأزلام النظام الأسري العائلي الذي يستبعد الأكثرية من حقها في السياسة وتسلم الوزارات السيادية وأن أعطى بعض تلك الوزارات مثلا كالخارجية الممنوحة للمعلم حتى في التشكيلة الأخيرة فإنما لعلمهم تماما أنه معلم بفتح اللام لا بكسرها وأنه لا يستطيع أن يغني خارج سربهم، هذا المسؤول الوزير كيف يغالط الحقائق ويطلب من الأمم المتحدة أن تنحاز إلى سوريا في مواجهة المسلحين والمتطرفين لا أن تدين القمع فيها إذ إنه يذهب أيضا إلى أن أكثر المظاهرات ليست سلمية كبرت كلمة خرجت من فيه لأنه يجزم أن هذا كذب ولكن لا غرابة من أناس فقدوا الوطنية ألا يدافعوا عن الوطن، إن سوريا تذبح كل يوم وأن الجزار لم يتعب مع كثرة الضحايا وبينما لا يسمع نصيحة من أي أحد لإحداث إصلاحات حقيقية تشترك فيها جميع أطياف الشعب السوري وتأخذ دورها جوهريا لا شكليا. ولكن ما الذي سوف تسفر عنه الحملة العسكرية الجهنمية في جسر الشفور الآن ربما لا أحد يعرف إلا نحن السوريين الذين خبزنا هؤلاء وعجناهم وعرفنا تاريخهم الأسود ضد شعوبهم بينما هم حمل وديع أمام الصهاينة محرم عليهم أن يصيبوهم بأي أذى وكيف لا وهم أرباب نظام الصمود والتصدي والمقاومة والممانعة: عجز الغاضبون عن قهر شعبي من قديم وأفلح الجزار لقد صدق نزار قباني فما فعلت فرنسا أثناء احتلالها سوريا كما يفعل هؤلاء من أهوال يشيب لها الولدان، ولا أدل على ذلك من أنهم في فترات مجازرهم التي أقاموها في القرن الماضي عتموا إعلاميا عليها وهي بعشرات ألوف القتلى والمفقودين إلى يومنا هذا، ومع ذلك فلم يعد خافيا على أحد إجرامهم ولكن لم تكن هذه التقنيات الإعلامية التي في عصرنا هذا حيث استطاع الناشطون بها أن يوصلوا بعضا من المشهد السوري إلى العالم علما بأن الذي يحدث أخطر بكثير مما يعرض ومع ذلك يكذب الإعلام الرسمي ويدعي أن البلاد هادئة وأن المتظاهرين بالعشرات والمئات وهم لا يهتزون لأي قتل قاموا به ضدهم أو جرح أو سجن وكذلك أرباب الفكر والقلم لأن المجرم إنما يتسلى بتعذيب ضحيته فكيف يهمه أمرها، إننا ندعو وبكل قوة أن يدخل إلى سوريا الإعلام حتى الصيني أو الروسي المؤيد لسوريا ونقبل به فإنه مهما كان غير منصف فسينقل كثيرا من الحقيقة ولكن حتى هؤلاء لا يجعلون لهم طريقا كي لا ينقلب السحر على الساحر، هل سمعتم وفي هذا الزمان إغلاق سوريا أمام جميع وسائل الإعلام الإقليمية والدولية المحايدة وعدم السماح إلا لإعلام النظام لتعرفوا أنهم متهمون حقا والا لسمحوا ولكن الشمس لا يمكن أن تغطي بالغربال وأن نظاما داؤه الفوقية والحقد والانتقام وعدم الاعتراف بالآخر لابد أن يزول مهما طال الوقت وأن الشعوب لتأبى أن تقاد بالسطوة وأن تلتقي مع القتلة على طاولة حوار اسمه حوار الدبابات والدم. ولعل السؤال يدور لماذا تصر دمشق على مواصلة الحل الأمني وتعرض هامشيات إصلاحية وحوارا محسوما سلفا مع التمترس بالقوة داخل البؤر الحساسة؟ والجواب يصح إن صح النبأ الذي نقلته جريدة القدس العربي من موقع ديبكا فايل الأمني الإسرائيلي المرتبط استخباراتيا من أنه لدى اجتماع الدول الثماني مؤخرا أجري لقاء بين أوباما والرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف حيث تم الاتفاق على صفقة بينهما للإطاحة بالقذافي مقابل استمرار الأسد ولعل هذا التحليل يناسبهم حيث ترضى به إسرائيل التي تصر على بقاء الأسد لأنه الأصلح لها كما قرر مفكروهم وهو ما صرح به رامي مخلوف بن خال الأسد أن استقرار إسرائيل من استقرار سوريا! وبهذا أيضا يفهم موقف جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي السلبيين أقول ولابد للغز بعد ذلك أن يحل، وهنا يبقى موقف تركيا هو الموقف الإيجابي المشرف المنفتح على جميع الاحتمالات لصالح الشعب المظلوم الذي يهتف: قد يعيش الطغاة ظلما وقهرا إنما فوق قاهر قهار [email protected]