12 سبتمبر 2025

تسجيل

هل نشهَدُ تأسيسًا لحزب بعث كردي؟

13 مايو 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); شهدت تركيا خلال الأيام القليلة الماضية ازديادًا في النقاشات السياسية التي تناولت "حزب الشعب الديمقراطي"، ذلك الحزب الذي يدعي تمثيله لأكراد تركيا ويضم في صفوفه أعضاء ًغالبيتهم من أبناء ذلك المكوّن. كما تأتي تلك النقاشات بالتزامن مع اقتراب تركيا من موعد الانتخابات العامة، التي قد تمنح الشعب الديمقراطية قوة تسمح له بأن يصبح حزبًا مؤثرًا في الحياة السياسية، إذا ما تمكن من الحصول على مقاعد كافية في البرلمان، واستطاع تجاوز العتبة الانتخابية التي تبلغ 10بالمائة من أصوات الناخبين. طريق الشعب الديمقراطي ينعطف نحو العلويين في الواقع، هنالك مسألة أخرى مثيرة للجدل، ألا وهي علاقات رئيس حزب الشعب الديمقراطي "صلاح الدين دميرطاش" وخطابه وميوله وعقليته السياسية. إن الخطاب السياسي الذي يطلقه دميرطاش، يُظهِرُ بما لا يدع مجالا للشك وجود رغبة لديه في وضع الحزب على الخط العلوي الديمقراطي الاجتماعي الراديكالي اليساري. وثمة مسألة أخرى مثيرة للجدل، وهي شغل الأعضاء ذوي الخلفيات العلوية مراكز فعالة داخل الحزب، حيث وصل إلى تركيا الشهر الماضي ممثلون عن الجمعيات والاتحادات العلويّة في أوروبا، وعقدوا مع دميرطاش لقاءاتٍ تمحورت حول الانتخابات المقبلة وشروط العلويين مقابل تصويتهم لصالح حزب الشعب الديمقراطي، كما ناقش الطرفان مسألة ترشيح الحزب لعددٍ كبيرٍ من المرشحين العلويين بين مرشحيه للانتخابات العامة التي ستجري مطلع يونيو المقبل، وتصعيد دميرطاش مواقفه المناهضة لرئيس الجمهورية رجب أردوغان. فيما أشارت بعض المصادر إلى أن المُمثّلين اشترطوا على حزب الشعوب الديمقراطي تبني خط أقرب إلى العلويين منه إلى السنّة أو خط متماهٍ مع العلمانية في خطاباته وعقليّته السياسية مقابل حصوله على الدعم العلوي في الانتخابات. دميرطاش.. تصريحات حول الكعبة والقدس تثير الاستغراب على الرغم من أن تفاصيل اللقاء الذي أجراه دميرطاش بممثلي الجمعيات والاتحادات العلوية في أوروبا غير معروف تمامًا، إلا أن دميرطاش قال في أول تصريح له عقب الاجتماع "لن ندع رجب طيب أردوغان يصل إلى سدّة الرئاسة (أي أن يصبح رئيسًا بصلاحيات من خلال تحول تركيا إلى نظامٍ رئاسي) ولن ندخل في أي تحالف مع حزب العدالة والتنمية لتشكيل حكومة ائتلافية في المستقبل". لقد نالت تلك التصريحات استحسان العلويين واليساريين والمناهضين لحزب العدالة والتنمية، حيث استقبلوا تلك التصريحات بكثير من السرور والثناء. في وقت لاحق، أطلق دميرطاش تصريحات أذهلت حتى الشخصيات السياسية داخل حزبه، حيث قال في كلمة ألقاها خلال الاحتفالات التي نظّمت بساحة تقسيم وسط إسطنبول بمناسبة 1 مايو (عيد العمال العالمي) ما يلي:"إن المسلمين يذهبون إلى الكعبة من أجل الحج، واليهود يحجون إلى القدس، وهكذا فإن المعتقدات الدينية تمتلك مراكز ودور عبادة رئيسية، وليس لأتباع تلك المعتقدات أن يؤدوا مناسكهم في أي مكان آخر غير تلك المراكز الرئيسية، وهنا أنا لا أتحدث عن عقيدة دينية ولكنني أقول أن (ميدان) تقسيم هو مكانٌ لا يستطيع العمال الاستغناء عنه، وإن عدم الاحتفال في تقسيم تحديدًا بمناسبة عيد العمال العالمي، يعني أن تركيا لم تحتفل بذكراه في ذلك العام". ولّدت تصريحات دميرطاش جدلًا كبيرًا في تركيا، خاصة وأن تشبيهه لميدان تقسيم بالكعبة المشرفة والقدس، بل ووصفه القدس بالمركز الذي يتوجه صوبه الحجاج اليهود قد جانب الصواب. الشعب الديمقراطي يعتزم إلغاء دروس التربية الدينيةجوبه رئيس حزب الشعب الديمقراطي بسبب تصريحاته حول الكعبة المشرفة والقدس بالكثير من ردود الفعل السلبية من قبل حزب العدالة والتنمية والأوساط السياسية الأخرى ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات والاتحادات، وقد سعى دميرطاش لإيجاد مبررات إلا أن ردود الفعل المنددة لم تخمد حتى من داخل حزبه. في الحقيقة، إن ما ذهب إليه دميرطاش من تصريحات لا تندرج ضمن قائمة الأخطاء العابرة أو أشهر زلات اللسان لبعض السياسيين، بل تعبر عن حقيقة ما يخالج نفسه من مشاعر وأفكار، خاصةً أنه كان قد وعد في وقت سابق بإلغاء رئاسة الشؤون الدينية في تركيا بحجة عدم توفيرها مساحة كافية للعلويين، وإلغاء حصص التربية الدينية الإلزامية في المدارس الحكومية، فيما طالب أحد مسؤولي الشعب الديمقراطي رئيس الشؤون الدينية التركية بالتنازل عن سيارته الرسمية لصالح دور عبادة العلويين التي تسمى بـ "بيوت الجمع". هل نقف أمام مشروعٍ يهدف لسلخ الأكراد عن الأمة والدين؟في الواقع، إن حزب الشعب الديمقراطي الذي يحظى بدعم الغرب، لم يؤسس منذ البداية ليكون جزءًا من العالم الإسلامي، بل ليكون بديلًا لحركة البارزاني وغيرها من الحركات الكردية المحافظة، وهو يواصل التقدم باتجاه هيمنة العلويين والأفكار اليسارية على مفاصله. خاصة وأن الإرادة التي أسست الحزب - منظمة بي كا كا الإرهابية – طالما تصرفت بنفس العقلية وانتهجت الأسلوب نفسه.يبدو أن ساسة حزب الشعب الديمقراطي يرغبون بخلق حزب بعث يهيمن عليه العلويون واليساريون في واقع مشابه لسوريا، بدلًا من العمل على دفع الأكراد نحو أن يكونوا جزءًا من العالم الإسلامي. كما يبدو أن رئيس الحزب صلاح الدين دميرطاش مصرٌ على المضي قدمًا وبكل فعالية باتجاه بناء حزبٍ يسيطر فيه العلويون على مقاليد الأمور، وتجد فيه العناصر البعثية ملاذًا آمنًا، وإن كره الكارهون. وكل ما أتمناه أن أكون مخطئًا.