10 سبتمبر 2025
تسجيلتحركت أسعار النفط في الأسواق العالمية بشكل تدريجي وهو أمر طبيعي وفقا لمنطق الأشياء، في أعقاب الأزمة اليمنية وانطلاق عاصفة الحزم ، لأن سخونة الأحداث في مضيق باب المندب المدخل الجنوبي للبحرين الأحمر والأبيض فرضت ذلك، ولاسيما مع انخفاض عدد منصات الحفر في آبار النفط الصخري الأمريكي، والنفط الليبي المهدد بالتوقف، مما أدى إلى انتعاش أسعار النفط مع بداية الربع الثاني من العام الجاري، مع توقع الخبراء بأن الأسعار سوف تحقق نقطة التعادل أو التوازن التي تحقق مصالح المنتجين والمستهلكين، ويتوقع أكثر المتفائلين بألا يرتفع سعر برميل النفط في الأسواق العالمية فوق مستوى 100 دولار، إلا إذا تراجعت إمدادات النفط في الأسواق، مع استمرار الاضطرابات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والأمل في أن تقرر «أوبك» خفض إنتاجها في اجتماعها المقبل، ولكن يتضاءل هذا التفاؤل إذا ظل العرض من النفط عند المستوى الحالي، واستمر الطلب منخفضا، لأنه من الطبيعي أن تنخفض الأسعار أكثر من ذلك، وهذا يتطلب أن تفكر "أوبك "في مواجهة عودة إيران إلى أسواق النفط - بعد اتفاقها مع القوى العالمية – حيث تعد إيران ثاني أكبر مصدر في منظمة البلدان المصدرة للنفط في " أوبك" لأنها سوف تسعى إلى تعزيز صادراتها من النفط الخام سريعا في حالة التوصل إلى اتفاق نهائي مع الدول الست الكبرى بخصوص برنامجها النووي ورفع العقوبات المفروضة عليها، مما قد يتسبب في انهيار الأسعار مرة أخرى ، لأن ذلك سوف يشجع منتجين آخرين على زيادة عرضهم للمحافظة على حصتهم السوقية، خاصة أن التراجع السريع للنفط قد تسبب بمتاعب لبعض صغار منتجي النفط، والدول التي لا زالت تعتمد بصورة أساسية على عائداته كمصدر رئيسي للدخل، وقد أدى ذلك أيضا إلى إجبار أكبر شركات النفط الدولية على تقليص الميزانيات والاستثمارات الجديدة، وكذلك انخفاض عدد منصات الحفر في آبار النفط الصخري الأمريكي، ومع وجود الفجوة الواسعة بين العرض والطلب، فإن أسعار النفط قد تعززت بالفعل في الآونة الأخيرة مدعومة برهانات المضاربين على ارتفاع الأسعار، إلا أنه لا يمكن لأحد أن يتكهن بأسعار النفط الفعلية ، أو يتيقن من تحقيق نقطة التوازن لأن استمرار ارتفاع إمدادات النفط العالمية يثير الشكوك حول إمكانية إعادة التوازن لأسواق النفط في النصف الثاني من عام 2015. هذا من شأنه تعقيد المشهد أكثر، خاصة إذا ما أضافت إيران المزيد من النفط إلى الأسواق، فإن إعادة التوازن سوف تتأخر إلى عام 2016، أو ربما بعد ذلك ، على الرغم من أن "أوبك" قدرت حجم العرض في الربع الأول من 2015 بحوالي 94,5 مليون برميل في اليوم، تنتج منه رسميا 30 مليون برميل في اليوم، لكنه بلغ في مارس 31,02 مليون برميل في اليوم بعد قرار السعودية "رفع إنتاجها إلى مستويات قياسية"، فيما بلغ الطلب معدل 93 مليون برميل في اليوم، مقتربا من نقطة التعادل بين العرض والطلب، ولكن ذلك يحتاج إلى مرونة طلب عالية تستجيب لانخفاض الأسعار حتى يتحقق التوازن للسوق النفطي في أسرع وقت، خاصة أن مستوى الطلب معقد ومتذبذب، في ظل الظروف الجيوسياسية التي تشهدها معظم مناطق الشرق الأوسط الأكثر تأثيرا وتأثرا من المتغيرات السياسية والتوتر القائم، وفي ظل تزايد الضغوط العالمية لاستخدام بدائل النفط ، الأمر الذي من شأنه أن يكبح جماح الطلب على النفط، في مواجهة زيادة العرض بنحو مليون برميل في اليوم، إلى جانب ما يضخ من المنتجين خارج "أوبك"مما يزيد من الفجوة بين العرض والطلب، خاصة إذا لم تستقر الأسعار ، لأنها المؤشر الأساسي الذي يقود السوق للتوازن ، والذي لا يمكن أن يتحقق بدون التنسيق والتعاون بين منتجي النفط في "أوبك" وخارجها من أجل تحقيق الاستقرار بالأسواق ، حتى لا تؤدي التخمة في المعروض مع ضعف الطلب العالمي إلى استمرار هبوط أسعار النفط في النصف الثاني من العام الحالي، ولكن ترى وكالة الطاقة الدولية أن الطلب العالمي على النفط سوف يرتفع بنحو 90 ألف برميل في اليوم، وأن استمرار قوة الإمدادات من خارج دول "أوبك" في ظل انخفاض أسعار النفط يعقد المشهد أكثر، حيث أن الأسعار لن ترتفع كثيرا طالما استمر تباطؤ الاقتصاد العالمي، ما يجعل التوقعات أكثر غموضا ولا سيما إذا ما توصلت إيران إلى اتفاق نهائي مع القوى العالمية ، بخصوص برنامجها النووي ، ودخولها السوق بكامل قوتها، لأنه يفسح المجال أمام رفع الحظر الأمريكي والأوروبي على صادرات المحروقات الإيرانية، لأنها قادرة نظريا على إنتاج ما لا يقل عن 3,4 إلى 3,6 مليون برميل في اليوم ، بعد أشهر قليلة من موعد رفع العقوبات ، ولا سيما أنها احتفظت بمخزون كبير يقدر بحوالي 30 مليون برميل على الأقل، يمكن أن يصب في الأسواق بسرعة أكبر.