17 سبتمبر 2025
تسجيلعلى الرغم مما أثارته من مشكلات خلال فترة وجودها فى منصب وزيرة الخارجية الأمريكية، تبدو هيلاري كلينتون المرشح الأقرب للفوز بتزكية الحزب الديموقراطي لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة (نوفمبر 2015). هذا وكانت هيلاري قد لفتت اهتمام المتابعين لقدراتها السياسية فى العام 2008، حينما دخلت في منافسة مع الرئيس الحالي باراك أوباما على ترشيح الحزب الديموقراطي، ورغم فشلها في التغلب عليه، إلا أنها تم اختيارها لاحقا لشغل منصب وزيرة الخارجية استغلالا لشعبيتها التي ظهرت بوضوح خلال هذه المنافسة، ورغم استقالتها من منصبها في العام 2013، إلا أنها عادت إلى الأضواء معلنة ترشحها للرئاسة لتحصل على دعم الرئيس الأمريكي، الذي وصفها بأنها ستكون صاحبة رؤية واضحة بخصوص مستقبل الولايات المتحدة.صحيح أن منافسة قوية سيتعين على هيلاري أن تخوضها مع بقية المترشحين من داخل الحزب الديموقراطي لتمثيله في الاستحقاق الرئاسي، إلا أن الكثير من المحللين يرون أن فرصة هيلاري تبدو كبيرة في الفوز بثقة الحزب، وفقا لاستطلاعات الرأي التي أظهرت نجاحها في التقرب من المواطنين العاديين، وحجم الدعم الذي تحظى به من مؤسسات عديدة في البلاد، فضلاً عن كونها حال نجاحها ستكون أول امرأة تتولى منصب الرئاسة في الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي يشعر معه الأمريكيون أنهم تأخروا فيه عن دول كثيرة، وتنتظره الكثير من الأمريكيات المتحمسات لفكرة تولى امرأة للمنصب الأهم في العالم.ولن تكون المنافسة الحزبية الداخلية هي الصعوبة الوحيدة أمام المرشحة الديموقراطية، فالديموقراطيون بشكل عام أمامهم خصوم أقوياء من الجمهوريين الذين يمثلون أغلبية في الكونجرس وفي مجلس الشيوخ، كما أن مرشحا من بيت رئاسي مثلها (جيب بوش) يمكن أن يكون منافسها النهائي في الانتخابات الرئاسية.هذا وقد أثارت هيلاري كلينتون أزمتين على الأقل خلال فترة انضمامها للفريق الرئاسي لباراك أوباما، الأولى متعلقة بهجوم بني غازي الشهير، والثانية متعلقة بأزمة الرسائل الإلكترونية. فوقت أن كانت تشغل منصب وزيرة الخارجية وقع هجوم كبير على مقر القنصلية الأمريكية ببني غازي، أسفر عن مقتل أربعة أمريكيين من بينهم السفير كريس ستيفنز، واثنان من عناصر وكالة الاستخبارات المركزية. حينها غمرها الجمهوريون بعاصفة من الاتهامات بعدم اتخاذ إجراءات كافية لضمان سلامة المواطنين الأمريكيين، ما اضطرها إلى إعلان مسؤوليتها عن عواقب الهجوم وتحملها مسؤوليته السياسية، ثم لم تلبث أن تقدمت باستقالتها لاحقاً. أما الأزمة الثانية فقد ثارت هي الأخرى في أعقاب هجوم بني غازي، حين كشفت صحيفة التايمز أنه خلال تولي هيلاري كلينتون لمنصب وزيرة الخارجية، استخدمت حساب بريد إلكتروني خاص بدلاً من الحساب التابع للحكومة الأمريكية في إجراء جميع اتصالاتها سواء الخاصة بها أو المتعلقة بوزارة الخارجية. وقد أثارت هذه الأزمة الكثير من الجدل حول المخاطر الأمنية التي قد تكون هيلاري كلينتون قد أثرت بها على الأمن القومي الأمريكي. كما امتدت آثار هذه الأزمة لتصل إلى الرئيس أوباما نفسه، وذلك بعد أن تأكد أنه كان على علم بأن هيلاري استخدمت بريدا إلكترونيا خاصا لأغراض العمل الحكومي. وقد أربكت قضية البريد الإلكتروني حسابات كلينتون بشأن الترشح في انتخابات الرئاسة المقبلة، حيث استغلها الجمهوريون لإثارة مزاعم بأنها كانت تحاول تجنب الشفافية، وكانت لجنة تابعة للكونجرس تحقق في الهجمات على القنصلية الأمريكية في بنغازي قد أصدرت مذكرة للكشف عن رسائل البريد الشخصي الخاص بهيلاري كلينتون، ما اضطر الأخيرة إلى تسليم كافة رسائلها الخاصة لفحص محتواها، ولكن هذا لم ينه الأزمة فقد اتهمها الجمهوريون لاحقا بمحو رسائل مهمة، مطالبين إياها بتسليم الخادم الخاص ببريدها الشخصي (Server) لفحصه واسترجاع أي رسائل قد تكون قد محيت من عليه بتاريخ سابق، الأمر الذي رفضته كلينتون بشدة، فما كان من رئيس اللجنة المكلفة بالتحقيق في الهجوم "تري جودي" إلا أن أكد أنها ستستدعى للمثول أمام اللجنة لتوضيح هذه المسألة.وقد تراجعت كلينتون عن الاستمرار في مواجهة الكونجرس والجمهوريين عندما اعترفت بأنه كان من الأفضل لو أنها استخدمت حسابا بريديا خاصا بالتراسل الرسمي، ولو أنها حملت هاتفا نقالا آخر خاصا بالاستخدام الرسمي، ولكنها على الجانب الآخر أكدت إن تحقيقات الكونجرس بشأن الأزمتين (هجوم بني غازي، وأزمة الرسائل) لن تردعها عن السعي إلى الرئاسة. مؤكدة أنها وإن كانت "مسؤولة عن سلامة موظفيها" إلا إن المسائل المتعلقة بالإجراءات الأمنية لم تكن في نطاق اختصاصها.من جانبهم يسعى الجمهوريون بكل ما لديهم من قوة لاستغلال مضمون هذه الرسائل لإدانة هيلاري تمهيدا لاستبعادها من سباق الرئاسة أمام مرشحهم المزمع، كما تعتزم اللجنة التابعة للكونجرس ذي الأغلبية الجمهورية إجراء جلسة استماع حول نفس هذه القضية لوزيرة الخارجية السابقة، ومن المتوقع أن يتوقف على نتائج هذه الجلسة المستقبل السياسي لهيلاري كلينتون، وبيان حظوظها في استكمال مشوار الترشح من عدمه. وإذا قدر لكلينتون أن تنجو من مقصلة الجمهوريين في الثامن عشر من الشهر الجاري - تاريخ عقد لجنة الاستماع لشهادتها- فإن هذا سيستدعي إلقاء الضوء على مواقفها الخاصة بالمنطقة، وفق ما أفصحت عنه في مذاكراتها الشخصية التي أصدرتها تحت اسم "خيارات صعبة" والتي سنستعرض بالتحليل أجزاء منها لاستشراف المسار الذي يمكن أن تسير فيه العلاقات الأمريكية الشرق أوسطية في الفترة المقبلة، إن استمرت الإدارة الأمريكية ديموقراطية التوجه.