11 سبتمبر 2025

تسجيل

اللسان الجارح

13 أبريل 2023

كيف يجرح؟ وبم يجرح؟ وهل يلتئم جرحه؟ وهل ترد على من يجرحك بلسانه الطويل؟ أم أن السكوت أولى وأجمل لك وأقوى رد؟! ولماذا يجرح بعضنا البعض؟ وما الفوائد التي يجنيها هذا الجارح بلسانه؟. إنه الإفلاس لا يوجد غيره!. أسمع رجلٌ عمر بن عبد العزيز، رحمه الله، بعضَ ما يَكْره، فقال «لا عليك، إنَّما أردتَ أن يَسْتفزَّني الشَّيطان بعزَّة السُّلطان، فأنال منك اليوم ما تنالُه منِّي غدًا، انصرفْ إذا شئت». ورأى أبو الدرداء رضي الله عنه امرأة سليطة اللسان فقال «لو كانت هذه خرساء، كان خيراً لها». وقال الأحنف بن قيس رحمه الله «أولا أخبركم بأدوأ الداء: اللسان البذي، والخلق الدنيْ»، فالجرح اللساني له وقع وألم على النفس. وأكثر ما يجرح هو ما يطلقه اللسان من سهام الكلمات الجارحة من سب وشتم وقذف وكلام بذيء لا يحتمل، وهذه وغيرها كلها جارحة ومؤلمة ومتعبة. قال بعض العلماء «أعجب أن اللسان ليس له عظام، كيف يكسر بعض القلوب...». وما أكثر كسر القلوب باللسان!. وصدق القائل حين أتى على جراحات اللسان، فجراحات الأسنة قد تُريحك مرة واحدة بالموت، وقد تبرأ بعد مدة، ولكن جرح اللسان متصل ومؤلم ومزعج، ويتنهد لكي يخرج جراحات هذا الجارح بلسانه: وقدْ يُرجى لِجرحِ السيف برءٌ ولا برءٌ كما جرح اللسانُ جراحاتُ السّنانِ لها التئامُ ولا يُلْتامُ ما جَرَحَ اللسانُ وجرحُ السيفِ تدملُهُ فيبرى ويبقى الدهرُ ما جرحَ اللسانُ فيا صاحب اللسان الجارح تمهل قبل أن ترسل سهامك الجارحة!. تذكر وقف طويلاً عند وصايا وتوجيهات صاحب الخُلق العظيم صلى الله عليه وسلم، فقد قال لمعاذ بن جبل رضي الله عنه «كُفَّ عليك هذا» وأشار صلى الله عليه وسلم إلى اللسان آخِذًا بلسانه هو صلى الله عليه وسلم». وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله أي المسلمين أفضلُ؟ قال: «مَنْ سَلِمَ المسلمون مِنْ لسانِه ويَدِه». «ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء». وكان دعاء النبي صلى الله عليه وسلم وهو خارج لصلاة الفجر «اللهم اجعل في قلبي نوراً وفي لساني نوراً...». فما أجمل تلك اللحظات!. وما أثمن وأغلى هذه الخطوات لصلاة الفجر! فلو أتينا على هذه الوصايا النبوية في واقع حياتنا لارتاح اللسان وأمن من حوله. ولو توقف هذا الجارح بلسانه ما يصيب من يجرحه من ألم وهم وغم من كثرة هذه الجراحات التي ترمى عليه، لكان الأنس وجمال وروعة العلاقات الإنسانية. فلنصنع من هذا اللسان الفأل والأمل والآفاق والمباهج والأفراح في حياة من نصحبهم ويكونون معنا!. وأخيراً فهناك.. القلم الجارح.. والتغريدة الجارحة.. والصورة الجارحة الخادشة للحياء.. وهناك منصات تواصل جارحة، وكل هذا إعاقات على الطريق وإخفاقات في مسيرة هذا الجارح، فمتى يتوقف هذا الجارح عن العبث بلسانه!. أمسك!. «ومضة» يُخاطِبُني السَفيهُ بِكُلِّ قُبحٍ فَأَكرَهُ أَن أَكونَ لَهُ مُجيبا يَزيدُ سَفاهَةً فَأَزيدُ حِلماً كَعودٍ زادَهُ الإِحراقُ طيبا