12 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); هناك في الداخل والخارج منا ومن غيرنا من يحاول اختطاف الإسلام الذي نعرفه ونحبه ونعتنقه لينمطوه ويعدلوه لنا بما تهوى أنفسهم وبما يخدم أجنداتهم. فمنا من يمارس العنف والقتل والسبي والحرق وتدمير الآثار الخ، وينسب ذلك إلى الإسلام ومنا دعاة متطرفون لا يعيشون العصر ويدشنون خطابا دينيا متشددا يلقي بالمسلم خارج العصر بل خارج التاريخ والحياة ومن غيرنا من يحاول اختطاف الإسلام كذلك ليفصل لنا إسلاما تعبديا صوفيا لا علاقة له بالحياة تساوقا مع “دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله“ وهؤلاء يعبرون عن أنفسهم من خلال أفكار متطرفة وممارسات مستهجنة. فأوروبا الليبرالية التي لطالما تغنت بأنها رائدة عصر التنوير والحرية والحداثة وأم الثورات الكبرى ومدونات حقوق الإنسان. وأنها راعية حقوق الإنسان الأولى في عالم اليوم. تفاجئ المسلمين في القارة الأوروبية وخارجها بتصرفات فردية وجمعية شخصانية ومؤسسية فيها من العدوان على رموزهم ومقدساتهم وأشخاصهم بما يضع كل هذه المزاعم تحت المجهر من جديد فمن الإساءة إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالرسوم إلى منع بناء المآذن في سويسرا من خلال استفتاء عام إلى قتل المسلمين المسالمين الذين ذهبوا بحثا عن لقمة العيش أو طلبا للعلم فمن مروة الشربيني في ألمانيا إلى قتل أسرة فلسطينية عربية مسلمة مكونة من ثلاثة أشخاص في أمريكا هم ضياء شادي بركات وزوجته يسر محمد أبو صالحة، وشقيقتها رزان محمد أبو صالحة على يد مواطن أمريكي متطرف كاره للإسلام ثم إلى الأحزاب اليمينية في الغرب التي تغذي الإسلاموفوبيا وتستغل وجود أي جماعة إسلامية متطرفة أو أحداث عنف وإرهاب كحادث قتل طاقم تحرير مجلة شارلي إبدو بباريس لإيقاظ العنصرية والكراهية ضد المسلمين وقد عبرت هذه الأحزاب عن نفسها في حركة “أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب (باغييدا)” من خلال مسيرات ضد المهاجرين المسلمين في ألمانيا والنمسا وتنوي توسيع نشاطها ضد المسلمين في كافة الدول الأوروبية بالتعاون مع الأحزاب اليمينية العنصرية. وقد جرت محاولات مستميتة ودؤوبة ومستمرة في الماضي كما في الحاضر لوصم الإسلام بالتطرف والغلو والبطش والإرهاب ومعاداة الإنسان وكان آخرها تصريحات رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر، والتي قال فيها إن النقاب الذي ترتديه بعض النساء المسلمات جاء من ثقافة “معادية للمرأة فهل الإسلام كما يصوره هؤلاء وهؤلاء!؟لا شك في أن الإسلام بعيد كل البعد عن اتهاماتهم ومحاولاتهم لتنميطه واختطافه فالإسلام عصي على الكسر والاختطاف والقولبة والتنميط المغرض فهو يسر لا عسر. ينحو نحو السلام. ويمقت الغلو والجفاء وسماحته ورحمته غطت كل مجالات الحياة وبساطته ويسره ووسطيته ووضوحه غير مستعص على العقول والأفهام ولا على القلوب والأبصار (“قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ” (1) وكان يسره من أقوى عوامل انتشاره في العالم. وعن يسر الشريعة وبساطتها ومناسبتها لكل الناس يقول الشاطبي – رحمه الله- في الموافقات “ ومنها أن تكون التكاليف الاعتقادية والعملية مما يسع الأمي تعقلها ليسعه الدخول تحت حكمها. أما الاعتقادية فأن تكون من القرب للفهم والسهولة على العقل بحيث يشترك فيها الجمهور من كان منهم ثاقب الفهم أو بليدا. فإنها لو كانت مما يدركه الخواص لم تكن الشريعة عامة ولم تكن أمية. وقد ثبت كونها كذلك“(2). فبساطة الإسلام وعمقه وخلوه من الفلسفات والتعقيدات جعله متاحا للجميع للعلماء كما للبسطاء. مــرّ الرازي يوما على امرأة عجوز وكان تلاميذه يمشون وراءه بالعشرات ما يقول كلمة إلا ويكتبونها، فتعجبت العجوز من هذا الذي وصل إلى هذا المستوى، فنادت العجوز على واحد من التلاميذ وقالت “يا بني من هذا؟“ فغضب وقال أما عرفتيه هذا الإمام الرازي الذي عنده ألف وألف دليل على وجود الله تعالى. هنا قالت العجوز قولتها العجيبة والشهيرة “يا بني لو لم يكن عنده ألف شك وشك ما احتاج لألف دليل ودليل، “أفي الله شك“؟! “فلما بلغ هذا الإمام الرازي قال “اللهم إيمانا كإيمان العجائز“ ورغم أن ثمة من يشكك في هذه الرواية إلا أن المقصود بإيمان العجائز إيمان الفطرة أي هؤلاء الذين عرفوا الله من دون تدخل الفلسفة وانساق الكلمات وانشغال العقول بالمصطلحات ويعظمون الله تعالى بأسمائه وصفاته أشد من المتكلمين ألف مرة ولا غرو في ذلك فقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول: (وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إلى رَبِّي) (3) أي: أن هدي الرسول صلى الله عليه وسلم بالوحي، فإذا كان هداه بالوحي فكيف يهتدي غيره بغير الوحي؟! وقد قال الجويني لأصحابه لما حضره الموت: لا تشتغلوا بالكلام، والله لو كنت أعرف أنه يصل بي إلى ما وصل ما اشتغلت به، وقد تركت أهل الإسلام وعلومهم وخضت البحر الخضم، والآن إن لم يتداركني ربي فالويل لي.هكذا كان يقول، ثم يقول: وهأنذا لم أعرف شيئاً، بل أموت على عقيدة عجائز نيسابور.(4)