14 سبتمبر 2025

تسجيل

قطر وتركيا .. تقدم مستمر في مسار العلاقات الإستراتيجية

13 فبراير 2017

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); عندما ننظر إلى خارطة العلاقات في منطقة الشرق الأوسط فإننا لا نكاد نجد انسجامًا حاصلًا في علاقتين بين دولتين تجاه القضايا المتعددة والأزمات القائمة في الشرق الأوسط، كما نجد ذلك في الانسجام في العلاقات بين تركيا وقطر وفي التناغم بين السياسات الخارجية لديهما. يوجد علاقات تاريخية بين البلدين منذ عهد الدولة العثمانية، وحديثا بدأ التمثيل الدبلوماسي بين تركيا وقطر في العام 1979 لكن التطور في العلاقات بدأ تحديدًا منذ العام 2002، الذي شهد وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم في تركيا وفي عام 2007 بدأت العلاقات تتوثق أكثر فأكثر، ومنذ ذلك الحين تناغمت مواقف البلدين تجاه قضايا محورية مثل القضية الفلسطينية والربيع العربي والأزمة في سوريا وموضوع مكافحة الإرهاب من خلال دعوة القضاء على أسبابه، مثل الفقر والبطالة والظلم، وقد شهدت السنوات الأخيرة تطورًا كبيرًا للغاية في مجالات التعاون السياسي والتبادل التجاري والثقافي. ويمكن الحديث أن التنسيق واللقاءات والتعاون بين البلدين بعد عام 2013 يفوق ما تم بينهما في السنوات السابقة. وقد نشأ حوار سياسي جاد ومستمر بين البلدين، مبني على الثقة المتبادلة والمصالح المشتركة، وقد تعزز بانسجام المواقف في السياسة الخارجية، كما تكلل بزيارات متبادلة واجتماعات بين أرفع المسؤولين من الطرفين مثل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وعلى مستويات رؤساء الوزراء والوزراء وعلى سبيل المثال فقد التقى زعيما البلدين خمس مرات خلال العام 2016، ووقعت خلال هذه اللقاءات اتفاقيات مهمة. ومن المتوقع أن تستمر الزيارات الرفيعة وبشكل أوثق في المدى القريب. ومع تطور العلاقات اتفق البلدان على إنشاء اللجنة الإستراتيجية العليا بين البلدين التي عقد أول اجتماع لها في إسطنبول في نهاية 2015 من أجل العمل على الارتقاء بالعلاقات في المجال السياسي والاقتصادي والثقافي والزراعي والتكنولوجي والأمني. وقد كانت قطر أول دولة خليجية تشكل تركيا معها لجنة إستراتيجية عليا لإدارة العلاقات. وفي العام 2016 عبرت دولة قطر عن موقف كبير من خلال مساندتها للموقف السياسي والشعبي التركي ضد المحاولة الانقلابية في 15 يوليو 2016 حيث استمر الاتصال بين قيادتي البلدين طوال 4 أيام تلت المحاولة الانقلابية الفاشلة، وقد قام مسؤولون قطريون على رأسهم سمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، ورئيس الوزراء، ووزير الخارجية، ورئيس الأركان بزيارات إلى تركيا خلال هذه الفترة، كما تجمع مواطنون قطريون حول السفارة التركية في الدوحة للتعبير عن مساندتهم لتركيا. وقد وجه الرئيس التركي الشكر وأشاد بدولة قطر لهذا الموقف المساند للديمقراطية التركية والإرادة الشعبية. ومن الأمور المهمة بين البلدين أن كلا منهما يشكل رافعة للآخر حيث تعد قطر نموذجا للعلاقات التركية الخليجية، وقد بذلت قطر جهودا كبيرة لتحسين العلاقات التركية الخليجية كما تقوم تركيا بالتأكيد بمساندة قطر في علاقاتها سواء في منطقة البلقان أو غيرها. ومؤخرًا أعلنت قطر دعمها لجهود تركيا في محادثات أستانة وتمنت نجاحها كما ساندت تركيا في أزمة بعشيقة التي حدثت مؤخرًا، وسببت توترًا في العلاقات التركية العراقية لفترة قبل أن يتم التوافق على صيغة بشأنها في زيارة رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم إلى بغداد. ويمكن أن نستنتج من هذا أن الدولتين مستعدتان لمساندة بعضهما البعض في أوقات الأزمات سواء السياسية «الدبلوماسية» أو الاقتصادية وهو ما يجعل العلاقة تتجه نحو مزيد من الشراكة والتحالف في المراحل المستقبلية. تولي الدولتان أهمية كبيرة للعلاقات الاقتصادية فقد تضاعف التبادل التجاري عدة مرات خلال السنوات العشر الماضية من 23 مليون دولار إلى 770 مليون دولار وتعد قطر الدولة الأجنبية الرابعة في مجال الاستثمار داخل تركيا باستثمارات تصل إلى 22 مليار دولار، أما تركيا فهي تنفذ مشاريع في قطر بقيمة 7.5 مليار دولار، وفي مجال السياحة وصل عدد السياح القادمين من قطر إلى 36 ألف سائح خلال العام الماضي، وتعمل في قطر أكثر من 150 شركة يعمل قسم منها في مشاريع كبرى للتحضير لتصفيات مسابقة كأس العالم لكرة القدم التي ستستضيفها قطر في 2022. وعلى صعيد مجال الطاقة وتحديدا الغاز الطبيعي المسال الذي تشتهر به قطر، فقد تمّ الاتفاق على استيراد حوالي 1.2 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي القطري عبر 9 ناقلات نفط خلال فصل الشتاء 2014-2015، ويتوقع أن تزداد الكميات في المستقبل في إطار الحرص التركي على تنويع مصادر توريد الطاقة. ومن المتوقع أن يزداد التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين على المدى القريب حيث هناك حرص على هذا من الطرفين وفي هذا الإطار وضمن السعي للارتقاء بالتعاون الإستراتيجي بين الدولتين في المجال الاقتصادي سيقام معرض أكسبو تركيا في قطر في أبريل 2017 في مركز قطر للمؤتمرات، والذي تشارك به 300 شركة للتحفيز على المزيد من الفرص الاقتصادية وجذب المستثمرين وتعزيز اقتصاد الدولتين في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا. أما على الصعيد الثقافي فإن العلاقات الثقافية أيضا تنمو بشكل جيد فقد اتفق البلدان على جعل العام 2015 عاما ثقافيا بين البلدين وتم تنفيذ عدد من الفعاليات الثقافية المشتركة، كما يوجد في البلدين مؤسسات متعددة تعمل على توثيق الروابط والاهتمام بتطوير العلاقات الخارجية على المستويات الثقافية والشعبية، ومن الأمور التي تشترك فيها كل من تركيا وقطر هي مساندة المظلومين وتقديم المبادرات الإنسانية والمساعدات الإنسانية للاجئين وللذين يتعرضون للكوارث والمصائب في كافة دول العالم. فقد قدمت قطر 7 مليارات ريال قطري خلال 2015 كمساعدات إنسانية في أنحاء العالم، كما منح تقرير المساعدات الإنسانية العالمي لعام 2014 تركيا لقب «البلد الأكثر سخاء» نظرًا لقيمة تبرعاتها التي وصلت إلى 1.6 مليار دولار، وما زال البلدان مستمران في مساندة القضايا الإنسانية والتي كان من آخرها تقديم العون لسكان الموصل وحلب والسعي لتخفيف المعاناة الإنسانية في غزة. تتجه العلاقات التركية القطرية إلى مستوى نموذجي من العلاقات الثنائية في منطقة الشرق الأوسط في كل المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية مرتكزة على التفاهم والانسجام بين قيادة البلدين والمصالح المشتركة، ويتوثق هذا في ظل مساندة كل دولة للأخرى في أوقات الأزمات، ومن المرجح أن يزداد التعاون والتنفيذ المشترك للمشاريع على الصعيد الثنائي وعلى الصعيد الدولي، كما يؤمل أن تساهم الجهود المشتركة بين الدولتين في تحقيق الاستقرار في المنطقة.