22 سبتمبر 2025
تسجيللا شك أن أي نظام سياسي في العالم لا يقبل التعايش مع شعبه بقبول الرأي الآخر أو استيعاب المعارضين له بوجه حقيقي مقبول ويعمل فقط قولاً وفعلاً وحالا على استئصال هؤلاء وتحطيم وجودهم الذاتي نهائيا – كما كان في الأنظمة السياسية الشيوعية والنازية – هو نظام قمعي فاشل ومهما ظن وتوهم أنه يبقى فسيزول كما زالت تلك النظم المستبدة لأن قوة الشعوب وجهادها أشد وأقوى، وكما يذكر الأستاذ صاحب الربيعي في كتابه الصراع والمواجهة بين المثقف والسياسي أن الجنرال نابليون لما اقترح غزو انجلترا وإسقاط الامبراطورية البريطانية أجابه "توماس بين": يجب أن تدرك أيها الجنرال أن في انجلترا شعبا وامبراطورية فإن كنت تستطيع إسقاط الامبراطورية فلا سبيل لك إلى قهر الشعب. ومن هنا أكد مصطفى صادق الرافعي أن الحق أقوى من القوة وأن الشعب أقوى من الحكومة وأنه من نهاية الصراع سيكون النصر للذي يحتمل الضربات لا للذي يضربها. وفي المشهد السوري الأليم اليوم نرى ظلماً وإجراماً لا نظير لهما في بلاد أخرى ونلحظ أن عصابة الأسد ومن والاهم يظنون أنفسهم أقوى من الامبراطوريات العظمى وأنهم سيمحون أوروبا من الخريطة كما تبجح وليد المعلم – بفتح اللام – وأنه طالما أن الروس الشبيحة خاصة بجانبهم فإن لهم الغلبة وإبادة من يسمونهم إرهابيين وهم وحدهم الإرهابيون إن الشعب الصابر المصطبر سوف يلقنهم كل درس يقذفهم في مهاوي الردى رغم كل الممارسات اللاشرعية واللاقانونية ضده، ومن يتأمل أفعال هؤلاء القتلة ومصاصي الدماء ومنتهكي الدين والقانون الدولي يدرك تماما أنهم ليسوا من جنس البشر أبدا وأنهم وحوش في غابة يقودها هو كما قادها ظلما أبوه الأسد من قبل فهل يبقى الأسد أسدا والحال أنه يدير ظهره للصهاينة تاركا الجولان يئن من احتلالهم متقدما بوجهه الكالح ضد الشعب الأعزل المطالب بالحرية؟ أسد عليَّ وفي الحروب نعامة فتخاء تنفر من صفير الصافر إن الوضع المأساوي الذي تعيشه سورية اليوم وخاصة مدينة خالد بن الوليد رضي الله عنه حمص الأبية وما يرتكب في حقها من المجازر الوحشية التي لم يفعلها نيرون وهولاكو في زمن التغني بحقوق الإنسان واحترام القانون الدولي، إن هولوكوست حمص الصامدة يفوق ما جرى لليهود من النازيين، فالقصف العشوائي على بابا عمرو وحي الإنشاءات بوجه خاص هناك وسقوط مئات القتلى والجرحى والأطفال والنساء والشيوخ وتهديم الممتلكات وقطع الماء والكهرباء واعدام الطعام وضرب المشافي الميدانية، وتقطيع الأجساد البشرية إرباً إرباً والهجوم الطائفي على عوائل السنة، كما حدث في ذبح ثلاث منها بتسعة عشر فرداً من خيرة عوائل حمص إلى غير ذلك من الفظائع الأسدية، إضافة لما يرتكب في درعا الصامدة من قتل وانتهاكات وما يجري في حماة المجاهدة من اعتقالات للعوائل فاقت الثلاثمائة وقصف المنازل وما يجري في إدلب وجبل الزاوية المجاهدتين وكذلك في القورية المتحدية وبقية قلاع سورية، إن ما شاهدناه ونشاهده اليوم من استمرار القمع وجريان شلالات الدم ليدل دلالة قاطعة على أن المجتمع الدولي مفضوح تماماً أمام عصابة لم يستطع أن يوقفها عمليا عند حدها وأن المسؤولية شرعاً وقانوناً تلاحق الجميع وإن كان يتصدرها وحوش الغابة الأسديون الذين ما عرفوا ولم يعرفوا للسياسة أخلاقا إلا حسب رؤيتهم الحمقاء فإذا كانت سلطة هؤلاء تعتبر أن الثوار السلميين في سورية أو المدافعين عن أنفسهم وعنهم هم البغاة عليها فإن هذا لا يستقيم البتة بل إن هذه السلطة الغاشمة هي الباغية على الشعب حقا ولقد عرف الفقهاء المسلمون البغي بأنه الخروج بغير حق على الإمام الحق، فهل خرج المتظاهرون العزل منذ البداية على هذا الظالم بحق أم بغير حق وهل هذا الإمام الجائر هو إمام حق أم إمام باطل وقد قال الفقهاء كما أورد ابن عابدين خاتمة المحققين في كتابه رد المحتار 3/310 أنه إذا خرج جماعة على إمام ظالم لا شبهة في ظلمه وجب على جميع الناس معاونتهم فيعينهم المسلمون وغيرهم للتخلص من حاكم قاتل سفاحا حفظ لدماء المسلمين وممتلكاتهم وقد نقل الشوكاني وغيره من العلماء أن الخطأ في ترك ألف كافر في الحياة أهون من الخطأ في سفك دم مسلم ألا من محكم لضميره فيما يجري على أهلنا اليوم، ألا من منصف وقائل إن مصداقية هؤلاء وروسيا والصين وإيران وحزب الله ومالكي العراق ومن يقف معهم هي تحت الصفر بمئات الدرجات كما هي درجة البرودة هذه الأيام الثلجية في بعض البلاد، لقد جن جنون الأسديين فبدأوا المحتجين بالقتل والجرح بل واختطاف النساء والاعتداء على الشيوخ، وهم يدعون أنهم علويون وقد ذكر الماوردي في الأحكام السلطانية ص 62 أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان يقول حتى للخوارج الذين آذوه: لكم علينا ألا نمنعكم مساجد الله ولا نبدأكم بالقتال، مع أن المعادلة اليوم ظاهرة أن السلطة الظالمة هي التي تقتل وهي الباغية على شعبها المظلوم وحتى لو سلمنا – جدلاً – أن هذه السلطة تعتبر من يناوئها باغيا وهذا مستحيل فقد ذكر الفقهاء أحكامهم التي من أهمها: أن يقصد بقتالهم ردعهم لا قتلهم ولا الانتقام وإيقاع الأذى بهم، وأنه لا يجوز الإجهاز على جريحهم وما أكثر ما يفعلون هذا بالجرحى فيموتون بل قتلوا 19 طبيباً مع الجرحى في دوما/دمشق منذ أربعة أشهر، وقال الفقهاء: لا ينصب عليهم العرادات (المنجنيق) ولا تحرق مساكنهم ونخيلهم ولكن ما أكثر ذلك وأفظعه، وكذلك قالوا: لا يجوز قتلهم بعد أسرهم، وما أكثر ذلك أيضا والعدد أكثر من أن يحصى، ونحن نعرف سماحة الإسلام ورحمته حتى بالأعداء في الحروب فلا يجوز قتل السكان الآمنين غير المقاتلين، ويحرم قتل النساء والأطفال والأجراء والفلاحين، والتجار والرهبان والشيخ الفاني ولا تستباح ممتلكاتهم ولا يعقر شجرهم ولا تفل مزارعهم وتحرق ولا تقتل المواشي والدواب، إلا لمأكلة ضرورية وإذا ارتكبت أخطاء من أفراد بعينهم، فيجب أن يحاسبوا فهل بعد كل هذه الدماء حاسب بشار وعصابته واحدا منهم بل قال لمن قابله من العلماء إن خالته اتصلت به هاتفيا كي يبقى عاطف نجيب ابنها في منصبه فأجابها: عند انتهاء الاحتجاجات سوف نعيده! أما قانونيا فإن القانون الدولي الإنساني يمنع كل هذه الممارسات من قتل وجرح ونهب واغتصاب واستهداف للممتلكات وخاصة دور العبادة والمشافي ومنذ عام 2001 كانت 189 دولة طرفا في اتفاقيات جنيف المشهورة التي كملت في البروتوكولين الإضافيين عما سبقهما والتي ترمي على الحد من العنف وحماية المدنيين في النزاعات ومن يساعدهم إلا أن الإسلام كان أسبق من القانون وألزم للعدل فمتى سيوقف الشرع والقانون الانتهاكات في سورية؟