30 أكتوبر 2025

تسجيل

الثورة المصرية وزوال الوصاية

13 فبراير 2011

التحول الملحمي والأسطوري والتاريخي الذي أحدثته ثورة الخامس والعشرين من يناير بإسقاط نظام الرئيس المنحى حسني مبارك، يتعين أن تؤسس لنظام جديد في المنطقة دعاماته الأساسية: إطلاق الحريات ورفض الوصاية والانتخابات المزورة، والجبروت والقهر والكتب والظلم والفساد والإفساد التي رانت على الساحة العربية ردحاً من الزمن. مصر أم الدنيا الدؤوم، وأم الشباب الحانية والعطوفة احتضنت الشباب الثوار الغاضبين، فيهم روح الثورة والانتفاضة على نظام الرئيس المخلص المتثبت بالعرش حتى آخر لحظة في نظام حكمه الذي زج بالمواطنين الشرفاء وعشاق الحرية في السجون الموحشة، والمحابس البائسة، كما أدت سياساته إلى تردي الاقتصاد، وزيادة معدلات البطالة.. والأهم من ذلك أدت إلى تراجع دور مصر عربياً وإقليمياً ودولياً. مع انتصار ثورة الخامس والعشرين من يناير انبجس عصر جديد.. وبزغ فجر مشرق لتأسيس نظام فعال للتداول السلمي للسلطة، وإطلاق الحريات، وبسط العدالة الاجتماعية، وإرساء نظام ديمقراطي يتمتع فيه الشعب بممارسة حقه المشروع في المشاركة في الحكم عن طريق الاقتراع الحر بعيداً عن زيف وبطلان الانتخابات المزيفة والمزورة التي أقعدت البلاد ثلاثة عقود من الانطلاق إلى الأمام وملامسة عصر التطور والتقدم الذي يعيد إلى مصر سيرتها الأولى النضرة والمزدهرة. مظاهرة النشوة والابتهاج التي عمت المدن والعواصم العربية والعالمية بزوال نظام الرئيس مبارك ليست فقط، تأييداً لثورة الشباب، وإنما أيضا تعبيراً عن أشواق وأماني المواطن العربي للحرية، وسيادة حكم القانون في بعض البلدان العربية التي لا تزال تلفها نفحات الديكتاتورية المهلكة، وحكم الفرد الغاشم والقميء. ثورة مصر العظيمة، هدهدت مضاجع الدولة العبرية التي وجدت في ذلك النظام البائد حامياً لها ومشرعنا لمفاوضات السلام التي لم تفض إلى سلام، بل أدت بقاء النظام الصهيوني تحت مظلمة السلام في مقابل اللاسلام، والسلام مقابل إذلال فلسطين والفلسطينيين. أحد أهم مظاهر نجاح الثورة المصرية أنها كشفت وعلى نحو مبهر فشل الإعلام الرسمي المصري في التضليل والتشويه واعتبار أن ثورة الشباب مدفوعة بالعملاء الذين ينفذون أجندة أجنبية.. فلم يعد النظام الإعلامي المصري قادراً على مواجهاته الفضائيات الخاصة قناة الجزيرة والشبكات الاجتماعية التي استطاعت أن تمحو زيف الإعلام المصري، وتنقل بموضوعية معتبرة نبض الثورة إلى الملايين داخل مصر وخارجها. لقد بدأ عصر جديد في الفضاء العربي بعد الثورة التونسية والثورة المصرية اللتين حسدتا ثقافة الثورة على الكبت والانتفاضة على الطغاة. ترى.. متى يلفح لهيب الثورة المصرية بقية المصرية بقية الأنظمة المستبدة ؟ هل يطل علينا الزعيم القذافي متشحاً بالسواد ويدافع عن الرئيس المخلوع مبارك ؟ وهل يستمر الرئيس البشير الذي انقسمت بلاده إلى شطرين في اعتقال النساء وإخماد التظاهرات.. حقاً إننا أمام عصر جديد: عصر ثقافة الانتفاضة على الظلم والكبت والحرمان وعدم الأمان والاطمئنان. إنه عصر – كما قلنا في مقال قبل أسبوعين – انسداد الاستبداد – وزوال الوصاية على الشعب الثائر.. والصابر، والمثابر.