15 سبتمبر 2025
تسجيلمن يشاهد دورة كأس الخليج الحادية والعشرين لابد له أن يندهش من العمل العظيم الذي يقدمه منتخب الإمارات العربية المتحدة والمستوى العالي الذي يقدمه أبناؤها بهذا الفريق الشاب الذي لعب ثلاث مباريات أمام منتخبات مستحقة ومرشحة لنيل البطولة مقدما ونال فيها العلامة الكاملة سواء بالنقاط التسع التي جمعها والمستوى الذي رفع به مستوى البطولة. منذ مدة طويلة لم نشاهد مستوى وعملا بهذا المستوى، بل شاهدنا عملا إعلاميا في المنطقة يتبارى في سحب الشباب من الملعب إلى شاشات التلفزيون وصفحات الصحف بعناوين براقة وصور كبيرة... فالفريق قدم مستوى ثابتا بفريقين لعبا المباريات الثلاث وارتقى إلى الصدارة من دون منافس بل كان يمتع من يشاهده كأنك ترى فريق برشلونة بجماعيته حتى مشجعي الفريق الخصم لم يزعلوا من الخسارة بقدر إعجابهم بهذا المستوى وتمنوا أن تصل فرقهم إلى هذا المستوى على قاعدة إن جار السعيد يسعد. وإذا كنا نشد على يد لاعبي ومدرب منتخب الإمارات الوطني مهدي علي فإننا يجب أن نشيد بمنظومة الكرة الإماراتية التي جهزت الفريق لخوض هذه البطولة فلم يتأثر بالإعلام ولا بالشد الذي يصاحب دورات الخليج عادة بل هناك عمل إداري عظيم ومدرسة يجب أن يتعلم منها الجميع. وتأكيدا لهذا العمل لم نشاهد هالة إعلامية مصاحبة للفريق قبل البطولة، فجاء الفريق إلى البحرين هادئا واخترق الصفوف بكل حرفنة وفن بل بتجهيز نفسي عظيم وقدم فريقا متكاملا يلعب كرة جماعية معتمدا على مجموعة من الشباب ومدرب وطني قريب من اللاعبين الذين تسلسلوا في جميع الفئات السنية وتم تكوينهم من الصغر حتى وصلوا إلى هذا المستوى الذي أعتقد أنهم إن لم يتواجدوا في كأس العالم الحالية التي تلعب تصفياتها حاليا فإننا سنشاهدهم في البطولات القادمة. وأنا أنظر إلى منتخب الإمارات وأنظر إلى منتخبنا الوطني العنابي فإنني أتحسر على مستوى الكرة لدينا، القائمة على العشوائية في كل شيء، ومصدر حسرتي أن هذا العمل الكبير كان سمة كرة القدم القطرية في السابق ففي عام 1980 تم إرساء هذه القاعدة لدينا واتجهنا إلى بناء فريق تم إعداده من فئة الناشئين حتى وصل إلى مرحلة الشباب وحقق إنجازات عالمية بتحقيقه المركز الثاني على العالم وأسسنا نظرية التكوين المبكر. يومها لم يكن لدينا سوى سبعة أندية في الدرجة الأولى ولم تتوافر الإمكانات الحالية ولا المنشآت التي ننعم بها ولكن كان لدينا عمل إداري وطني محب لبلده ويعمل لرفعة وطنه ولم يكن هذا الوحش الإعلامي الكبير الذي استطاع أن يغير كرتنا من كرة قدم إلى مصارعة حرة على طريقة المصارعة الأمريكية التي تعتمد على الشو. ولم يكن لدينا هذا الكم من المنظرين والمستفيدين وكانت الأندية هي المفرخ الحقيقي للاعبين ويفخر كل ناد في بداية الموسم بأسماء اللاعبين الذين رفعهم من مرحلة إلى مرحلة وتقديمه وجوها شابة للفريق الأول وهم من أبنائه ومن نسيج المجتمع القطري، فكانت الروح الوطنية هي الأساس واللاعب المبدع يومها هو بطل قومي يحبه الجميع بغض النظر عن النتائج التي تحصل. دعونا نعمل سوية على إعادة هذه الروح والهيبة إلى كرتنا ولندع الرياضة لأهل الرياضة وليرفع المستفيدون أيديهم عن رياضتنا وما أكثرهم في المجال الرياضي الباحثون عن الصفقات والبروز الإعلامي ولنقف جميعا لنتجاوز هذه الكبوة التي مرت على كرتنا ورياضتنا حتى يعود العمل المخلص وليكن هدفنا دائما بناء منتخب وطني حقيقي وليس مصلحة أندية وبناء مصالح شخصية. مرة أخرى هنيئا لأشقائنا أبناء الإمارات هذا العمل الناجح وأنتم قدمتم صورة متطورة للعمل الكروي الحضاري تحتاجه المنطقة التي دخلت في متاهة الإعلام المستحدث.