15 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); وصف وزير الخارجية الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان قيام نواب إسرائيليين باقتحام ساحات المسجد الأقصى خلال الفترة الأخيرة وتسبب ذلك باندلاع مواجهات بأنه "قلة حكمة" أو "غباء سياسي".وجاءت تصريحات ليبرمان بعد أن قاد موشيه فيغلن نائب رئيس الكنيست عملية اقتحام فجة للمسجد الأقصى مع نواب آخرين من الكنيست حيث اعتبر ليبرمان ذلك استغلالا لأغراض سياسية داخلية.والعجيب أن الذي يتحدث عن الحكمة هنا هو أفيجدور ليبرمان الذي لطالما صدرت عنه مواقف وتصريحات أبعد ما تكون عن الحكمة أو الدهاء السياسي. لم يكن أولها تصريحه الشهير في 2001 عن مقترح لتدمير السد العالي في مصر وإغراق أجزاء منها. ولم يكن آخرها إعلانه عن مشروع قرار إسرائيلي لإغلاق قناة الجزيرة خلال العدوان الأخير على قطاع غزة في 2014 لعقاب دولة قطر.عندما كان ليبرمان وزيرا للمواصلات في 2003 تعهد خلال اجتماع للحكومة بتوفير وسائل نقل للأسرى الفلسطينيين لإلقائهم وإغراقهم في البحر الميت بغية إخفائهم. إلا أن أحد الوزراء مازحه بأنه لا يمكن لأحد أن يغرق في البحر الميت إنما يمكن أن يطفو فقط لارتفاع نسبة تركيز الأملاح. ورد عليه عضو في الكنيست حينها بأن عليه أن يحتفظ بمكيف في مكتبه لأن الأجواء الخماسينية قد شوشت تفكيره.قبل أسابيع قليلة حاول ليبرمان استباق القرار السويدي بالاعتراف بدولة فلسطين من خلال كتابته مقالا في صحيفة داغينتس نيهيتر السويدية اليومية في أكتوبر الماضي – وبالمناسبة كتابة ليبرمان للمقال في صحيفة محلية يخاطب فيها الرأي العام نقطة إيجابية له- حيث قال إن "الاعتراف المخطط بدولة فلسطين ‘لم يكن من المفترض أن يجلب حل حقيقي لمشكلة في الساحة الدولية، ولكنه إجابة لاحتياجات سياسية داخلية وترويج رأي جهة معينة في الرأي العام السويدي"وبدا ليبرمان يخاطب السويدين من خلال صحيفتهم اليومية وكأنه حمل وديع أو رجل حكيم إذ قال "الحكومات الصديقة لا تعمل على تقويض الأمن القومي لأصدقائها، ولا يفترض أنها تعلم أفضل منها حول كيفية التعامل مع مجموعة من التحديات التي تواجهها. ستفعل الحكومة السويدية جيداً في تغيير نواياها للعمل في هذا الطريق نحو صديقتها إسرائيل". والغريب أن ليبرمان كتب مقاله تحت عنوان ‘الأحادية لا تحل أي شيء، مستنكرا على السويديين تركيزهم على القضية الفلسطينية وتركهم لقضايا أكثر إلحاحا مثل تنظيم الدولة والبرنامج النووي الإيراني وتنظيم القاعدة. ومبررا نقده بأن هذه الخطوة تشجع الفلسطينيين على تبني الحلول والخطوات الأحادية بدلا من استئناف المباحثات الثنائية مع إسرائيل.وقد نسي ليبرمان في مفارقة عجيبة أنه الصوت الذي لم يكل من المطالبة باتخاذ إسرائيل خطوات أحادية الجانب ضد المشروع النووي الإيراني. حتى لو أدى ذلك إلى الخلاف مع الحليف الرئيسي واشنطن. كما أن هذه الخطوة الأحادية التي أرادها ليبرمان تأتي ضد رغبة ما سماها الإرادة الدولية بحجة حماية الأمن القومي الإسرائيلي.ويضاف إلى ذلك أن ليبرمان في الوقت الذي يصر على موقفه بأن الرئيس الفلسطيني محمود عباس لم يعد شريكا للسلام. يدعو الأطراف الأوروبية والدولية على عدم تشجيعه على القيام بخطوات أحادية.إن إسرائيل قد فعلت خيرا بالقضية الفلسطينية إذ صدرت تل أبيب لوجهها الخارجي رجلا مثل ليبرمان كخير من يعبر عنه ويمثل حقيقتها البلطجية والعدوانية في المنطقة. ولكن للأسف مع كل هذا لا يوجد استثمار حقيقي للتردي والتراجع الإسرائيلي.يحاول ليبرمان مؤخرا استخدام كلمات مثل الحكمة والمنطق وكأنه يريد أن يظهر بمظهر الحكيم أو الزعيم العاقل فهل هذا لطموح لدى ليبرمان أن يكون رئيس وزراء إسرائيل القادم أم أن تغييرات ستعرفها السياسة الخارجية الإسرائيلية. وعلى كل حال فإن الحكمة بيد الله يؤتيها من يشاء وينزعها ممن يشاء. وليست القضية في فقدان ليبرمان للحس الدبلوماسي وإنما في عدم استثمار ذلك.