17 نوفمبر 2025
تسجيلالعلاقات الاجتماعية هى جسر الصداقة، حيث لا ينكر أحدٌ أن يبقى دون صديق أو رفيق يشاركه أفراحه وأحزانه، يجلس معه ويتحدث اليه، ويرشده حين يخطئ، ويوجهه حين يضل الطريق، فالسعيد من يجد شخصاً صادقاً أميناً، فى المقابل قد يكون رفيق الدرب نفسه غير مهتم بهذه الصداقة، وان صادقك قد تكون صداقته من أجل مصلحة، ولا غضاضة فى تبادل المصالح، ولكن يجب ألا تكون الصداقة هدفها المصلحة فقط، فان كانت كذلك فسوف يكون عمرها قصيرا وأجلها قريبا، لأنها صداقة مؤقتة ولتحقيق مصلحة معينة، وسوف تنتهى بتحقيق الهدف.وهناك من يضحك فى وجهك ويمدحك ويتقرب اليك ويجاملك ببسمة تحمل فى طياتها المكر والخداع، وفى نفس الوقت يتكلم من ورائك بما لا ترضاه، فأين الخطأ من المواجهة الشخصية بدلاً من الكلام وراء الناس؟رحم الله امرأً أهدى اليَ عيوبي، فلنكن صادقين فيما نقوله لأصدقائنا حتى نكون أصدقاء حقيقيين، ويثق كل واحد فى الآخر، ولنكن كالوردة البيضاء فى النقاء والجمال مع من نحبه لوجه الله دون مجاملة، لذلك لنولى كلمة الصداقة اهتماماً كبيراً لأنها كبيرة فى معناها، فالصداقة كنزٌ ثمين ولا يعرف هذا الكنز الا صانعوه، بل هى سراج وهَاج ينير الطريق أمام السائرين، حيث قال سقراط: الصديق الصدوق هو الذى يحقق بقلبه وعمله ما أظهره لسانه، أما بولتس فقال: أنت تملك أصدقاء اذن أنت غني، وهناك أفلاطون الذى قال: صديقى هو شخصٌ ثان، أما دوليل فقال: القدر يصنع الآباء والاختبار يصنع الأصدقاء، فى المقابل قد لا تدوم الصداقة لأسبابٍ معينة، حيث قال فيها فولتير: الصداقة هى زواج الروح وهذا الزواج مُعَرَض للطلاق، اذن لنُظهِر تصرفات واضحة وصريحة أمام الجميع دون غش أو خداع، وخير الأصدقاء أقدمهم، فالناس معادن والرجال مواقف،فكم من أصدقاء وجدناهم فى أوقات الأزمات، وقفوا معنا وساعدونا ووقفوا بجوارنا وسعدوا لسعادتنا وحزنوا لأحزاننا، ووجدنا فيهم نبل المشاعر ونقاء الضمير، غير أنه هناك أقوالٌ مخالفة منها: اللهم كفنى شر أصدقائى أما أعدائى فانى كفيلٌ بهم، واحذر عدوك مرة وصديقك ألف مرة، فان انقلب الصديق فهو أعلم بالمضرة.ولكن هناك من يبتسم فى وجهك ويذكرك بالخير ويدافع عنك، ويفعل ما يستطيع لارضائك، صفاته الوفاء والاخلاص والتسامح ومهما اختلف معك وباعدت الأيام بينكم تكون الصداقة أقوى، فالاختلاف لا يفسد للود قضية، ولكن الغامضين الذين لا نفهمهم، ويشاهدوننا عن بعد وربما يسعدون لأحزاننا ويحقدون على سعادتنا، لنبتعد عنهم ولنتعامل معهم بحذر، فان اللهَ قد جعل تحت الورود أشواكا، وهنا نجد صداقة الجاهل هما، وعموماً الأيام والمواقف تكشف الأصدقاء الحقيقيين، والذهب يظل ذهباً، قيمته موجودة مهما لوثه الغبار.أخيراً الصداقة هى الوجه الذى لا يصدأ، وهى كالمظلة كلما اشتد المطر كلما ازدادت الحاجة اليها، بل هى وردة عبيرها الأمل ورحيقها الوفاء ونسيمها الحب، فلنزرعها بالمحبة ونسقها بماء المودة، فيا صديقي، اذا كنت تحبنى بصدق فلا تتركني، لأن رحيلك ينزع الحياة من أحشاء روحي، ولنصاحب من لا ينسَ المعروف عنده، فالعلاقات لا تُقاس بطول العُشرة، انما تُقاس بجميل الأثر وجميل الأخلاق، فكم من معرفة قصيرة المدى ولكن بجمالها وهدوئها أعمق وأنقى معرفة، فما أروع أن تتوقف الانسانية عند هذه الأعمال من الصداقات العظيمة ولنقتدى بها، والأروع من ذلك أن نعلى مثل هذه القيم ونشجعها لتتجلى بأنبل صورها وبهائها، ونسعد بالألفة والمحبة والأدب الجميل.