17 سبتمبر 2025
تسجيلما بال سلفاكير ميارديت رئيس دولة جنوب السودان الوليدة يكيل الاتهامات ويتحدث باستخفاف عن الرئيس عمر البشير؟.. سلفاكير الذي آوته اتفاقية السلام الشامل بعد أن كان مطرودا ومهمشا من قبل زعيم الحركة الشعبية السابق جون قرنق في أدغال الغابات الاستوائية، بل مهددا بالتصفية مثل زملائه من الرعيل الأول من قادة الحركة الشعبية مثل كاربينو كوانين وغيرهم؟.. كل مايربط الحزبين في السابق المؤتمر الوطني والحركة الشعبية قد وصل إلى نهايته باتفاق السلام الذي تم تطبيقه على أفضل ما يكون حسب المراقبين الدوليين.. سلفاكير وبتناغم وتنسيق محكم مع الولايات المتحدة اتهم القوات المسلحة بقصف منطقة (قفة) بولاية أعالي النيل الجنوبية على الحدود مع النيل الأزرق، بل مضى سلفاكير أكثر من ذلك واتهم الخرطوم بالتحضير لانقلاب في جوبا!!.. في توقيت (بديع) دانت الولايات المتحدة الامريكية ما أسمته بالقصف الجوي لتلك القرية على الحدود الدولية بين السودان وجنوب السودان.. مارك تونر المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية قال في بيان إن "الولايات المتحدة الأمريكية تدين بشدة ذلك القصف الجوي.. وأعتبره قصفا عشوائيا لأهداف مدنية غير مقبول وغير مبرر. سلفاكير الذي تحيط به المشاكل والإحن من كل جانب قال في كلمة له أمام قوات الحركة الشعبية التي اعتبرت قوات جنوب السودان الدولة الجديدة إن اتهامات البشير وتصريحات في مدينة الكرمك بولاية النيل الأزرق في صلاة عيد الأضحى محاولة للهروب من المشاكل التي تواجهها الخرطوم. وأضاف "كلما يواجه البشير أزمة يقوم بارتداء زيه العسكري ويذهب للرقص مع قواته رغم أنه يقول: إنه منتخب من قبل الشعب".. أعتقد أن على دولة الجنوب وعلى رأسها الحركة الشعبية أن تتعامل مع السودان بموجب القانون الدولي في كافة المحاور والقضايا المرتبطة مع الدول وليس كما يعتقد بعض قادة دولة الجنوب الذين لا يزالون يتحدثون عن قضايا عالقة تناقش حزبيا مع المؤتمر الوطني.. القضايا الموجودة هي قضايا دولية تحكمها معايير قانونية متفق عليها عالميا. اتهامات سلفاكير وهو يمثل رأس الرمح في أجندة دولية معروفة، وفي زمن يراد فيه تعميم الفوضى ورسم خرائط جديدة، لا يريد أن يكون الانفصال نهاية المطاف، بل المطلوب اجتزاء أطراف أخرى ربما النيل الأزرق أو جنوب كردفان أو حتى دارفور.. صحيفة الخليج الامارتية كتبت في افتتاحيتها على خلفية تلك الاتهامات الجنوبية تقول: (الخرطوم تتعرض لابتزاز واضح من جنوبها واستخدام دعم المتمردين في دارفور وغير دارفور ورقة ضغط للحصول على مكاسب أكبر في أبيي ومنابع النفط المتنازع عليها.. ومضت الصحيفة تقول: (يعني ذلك أن ثمة نوايا غير سليمة تحمل من الأطماع الكثير، والخطر الأكبر الكامن فيها أنه يراد للسودان ألا يستقر، وألا يكون انفصال الجنوب نهاية المطاف ونهاية الآلام، بل هناك من يسعى ويعمل على أرض الواقع، بدعم خارجي معلن أيضاً، من أجل اقتطاع أجزاء جديدة من هذا البلد، غير الجنوب، ليتحول بعد حين إلى مجموعة دويلات متناحرة). قبل فصل جنوب السودان وبينما كانت الحركة الشعبية تسيطر وتتحكم في كامل أرض الجنوب بصلاحيات أقرتها اتفاقية السلام الشامل، أرسل سلفاكير استغاثات عديدة ومتكررة للخرطوم للمساعدة في انتشال الجنوب الغارق في الصراعات القبلية حتى الثمالة.. ولو أن للمنظمات الدولية أجندة سياسية وعداء تجاه حكومة الجنوب لأصبحت هذه الصراعات العنيفة حديث المجتمع الدولي ولأصدر مجلس الأمن سلسلة من القرارت تتضمن الاتهامات بالإبادة الجماعية مثلما فعل في قضية دارفور. كان على سلفاكير – وعليه اليوم أيضا - قبل أن يطلق استغاثاته أن يبحث الأسباب الحقيقية وإعمال الأدوات والوسائل المتوفرة لديه لمعالجة تلك الصراعات.. إن الجنوبيين الذين لا ينتمون للحركة الشعبية وهم الأغلبية يجدون مضايقات سياسية كبيرة، فالحركة لاتعترف بحرية العمل السياسي وتمنع استخباراتها أي نشاط سياسي مخالف بقوة السلاح ولا يفت السلاح إلا السلاح.. كذلك الفساد المستشري في كل ركن من أركان الحكم في الجنوب ، حتى الصرف الظاهري على الرواتب يفوق الصرف على الرواتب في شمال البلاد ولذا نجد أن وظائف الخدمة المدنية التي سبق أن خصصت للجنوبيين في الشمال حسب ما نصت عليه الاتفاقية لم تجد من يشغلها لأن المستفيدين يجدون رواتب أعلى بكثير في وظائف حكومة الجنوب لأنها تصرف صرف من لا يخشى الفقر.. ذلك الفساد وتلك المحسوبيات تفعل فعل السحر في إثارة الصراعات الدموية، وهذا داء يريد سلفاكير أن يتهم به السودان.. ما يشير بل يؤكد انعدام مساحة الحرية في دولة سلفاكير تلك الإدانة التي أعلنتها منظمة مراسلون بلا حدود من الاعتقال غير الشرعي لصحفيين أوقفتهما قوات الأمن في جنوب السودان في أول شهر نوفمبر الجاري.. ودعت المنظمة إلى الإفراج الفوري عنهما وإعادة فتح جريدتهما الصادرة باللغة الإنجليزية (دستيني) التي علّقتها السلطات لأنها نشرت خبرا جاء فيه أن ابنة سلفاكير اقترنت بمواطن أثيوبي!!.. التعاطي السلبي للحركة الشعبية واستخباراتها مع الرأي الآخر ليس جديدا بل ظهرت بوادره ما قبل الانفصال.. قبل عامين تقريبا صادرت استخبارات الحركة الشعبية جميع نسخ عدد السبت من صحيفة (جوبا بوست) بمطار جوبا لنشرها تصريحات منسوبة لضابط رفيع ينتمي لمجموعة المنشق جورج أطور عن الجيش الشعبي.. من قبل بطشت استخبارات الحركة بمحطتين إذاعيتين تعملان في جوبا هما (ليبيرتي اف.ام) و(باخيتا). مديرا المحطتين قالا إن قوات الأمن (استخبارات الحركة الشعبية) داهمت المحطتين واعتقلت العاملين فيهما بعد أن بثت إحدى المحطتين مقابلة مع الفريد لادو قوري المرشح المستقل لمنصب حاكم ولاية الاستوائية الوسطى التي تضم جوبا.