14 سبتمبر 2025
تسجيلالاقتصاديون يدرسون ويبحثون ويقلبون الأمور يمنة ويسرة بهدف تسيير دفة اقتصادنا القومي الذي ظل يواجه جملة من المصاعب لأسباب تتعلق بنا وسلوكنا الاقتصادي.. وأخرى تتعلق بسلوك دولة عظمى مثل الولايات المتحدة ومعها حلفاؤها في أوروبا.. وثالثة تتعلق بالاقتصاد العالمي الذي نحن جزء لا يتجزأ منه كما هو الحال في كافة الدول الغربية والعربية والإفريقية المعالجات التي تتم في الإصلاح الاقتصادي الداخلي والخارجي من حين لآخر هي مسألة ضرورية لاستمرار الحياة.. ولاستمرار عجلة التنمية في الدوران مما يتطلب مواجهة كل ذلك بالتفهم من الجميع أولا.. والتعاطي مع إفرازات ذلك مهما كان حجم الضغط الخارجي وانعكاساته على أسعار السلع.. وقد جربنا مثل تلك المعالجات قبل عشرين سنة ويزيد عندما كان اقتصادنا منهارا وتكالبت على بلادنا المصائب.. مصيبة الفيضانات التي عطلت مسيرة الحياة حتى في عاصمة البلاد.. مصيبة الحرب في جنوب البلاد ومصيبة المصائب العقوبات الاقتصادية الأحادية من أمريكا.. وموالاة البنك وصندوق النقد الدوليين لقرارات أمريكا.. إذن اقتصادنا يعمل في أجواء غير صحية وغير عادلة وغير معقولة، ولذا فإن اجتهادات خبراء الاقتصاد عندنا في معالجة الأمور هي اجتهادات مجربة ومقبولة وينبغي على كافة القطاعات الشعبية أن تتعاون مع ذلك وتتفهم حقيقة الأمور وتنأى بنفسها عن الشائعات والمحبطات التي درجت بعض الجهات إطلاقها من قواعد خالف تذكر في وقت أشركت فيه الحكومة جميع فئات الشعب خاصة النخب والمختصين في الأحزاب الأخرى لإبداء الرأي حول وضعية الاقتصاد السوداني وكيفية معالجة ذلك في ما يشبه الجراحة الاضطرارية والكي الذي يشفي بعد مرض وسقم. وتأتي وصفة صندوق النقد الدولي في هذا الصدد كأكبر جهة اقتصادية تدير اقتصاد العالم برفع الدعم عن بعض السلع وتحرير التجارة جريمة علقمية لابد أن نغمض الأعين ونبتلعها لأنها حقيقة مريرة ولكنها شافية.. ولطالما هي شافية ونحن نبحث عن الشفاء فلابد أن نبتلعها ونتحمل مرارتها التي ستكون إلى حين ولها تداعياتها.. ولكن في النهاية سوف تبلغنا المعافاة وليس هناك أفضل من التعافي من المرض. غير أننا اعتدنا وباستمرار في مثل هذه الحالات أن نتآزر ونتفهم ونتجاوب ونوفق أوضاعنا حتى نمرر القرارات الإصلاحية ونتجاوز مراحل الضغط التي سرعان ما تمضي ونطبع علاقاتنا بها وتمضي الأمور قدما ومن جديد. فرفع الدعم عن البنزين مثلا أمر مقبول لأن الذين يستخدمون البنزين ليسوا بالأكثرية وفي الغالب هي سيارات خاصة.. وفي الغالب الأهم لبعض الأثرياء والمغتربين الذين يمكنهم ودون تأثر بالسعر الحقيقي غير المدعوم أن يمضوا في أعمالهم وحياتهم وحركة النقل كلها سواء مواصلات أم نقل البضائع فتقوم بها ناقلات تعمل بالديزل الذي هو أقل كلفة من البنزين بصفة عامة.. فينبغي على السلطات التدرج في رفع الدعم عن كل الوقود خاصة الديزل وكذا القمح وذلك باستزراع ما نملك من أراضي يمكن أن تغنينا من استيراده.. فقط نرجو التفات سلطات الزراعة إلى ضرورة تحقيق الكفاية من القمح هذا الموسم والمواسم التالية خاصة مشروعي الجزيرة والمناقل ونهر النيل والشمالية ووالله عيب كبير ونحن مؤهلون لإنتاج ما يكفينا ويزيد من القمح ونظل نستورد القمح بهذه الأسعار العالية من الخارج ونسأل المولى عز وجل أن يرفع عن بلادنا البلاء والغلاء إنه نعم المولى ونعم النصير.