17 سبتمبر 2025
تسجيلرحل بالأمس الى الدار الآخرة الوالد إبراهيم بن علي بن إبراهيم المريخي (1926 - 2020)، أحد أعلام ورجال الغوص على اللؤلؤ، الذين عاصروا الفترة الأخيرة من ذلك الزمن الجميل الذي لا يعوض ولا يتكرر بأحداثه ورجالاته ونشاطه الاقتصادي الذي يقوم على تحمل مصاعب الحياة، بحثا عن لقمة العيش والرزق الحلال في وقت تقطعت كافة سبل العيش، وأصبح البحر هو مصدر عيشهم ولا بديل عنه رغم تحديات تلك الحقبة. عرفت الوالد إبراهيم المريخي من خلال أحاديثه الشيقة في تلفزيون قطر وقناة الريان ومقابلاته الإذاعية والصحفية، وهو يتحدث عن زمن الطيبين ومعاناة أهل قطر في غياهب البحر ومتاهاته في بدايات القرن الماضي بحثا عن اللؤلؤ الطبيعي، وقبل ظهور اللؤلؤ الصناعي الياباني الذي كان ظهوره بمثابة بداية القضاء على عمل الآباء والاجداد، لأنه تسبب في كساد اللؤلؤ الطبيعي وذلك منذ اشتعال الازمة المالية العالمية التي بدأت عام 1928م تقريبا وما تلى تلك السنة من هزات اقتصادية ضربت العالم اجمع. والولد إبراهيم المريخي من مواليد مدينة الخور حوالي عام 1926 م، وقد ركب البحر صغيرا في بدايات الاربعينيات، وعمل في بداية الأمر برتبة "تباب"، وهو من يخدم البحارة على ظهر السفينة ثم بوظيفة "سيب" وهو مساعد الغيص (الغواص) الذي ينزل الى أعماق البحر لجني المحار التي بها اللآلئ والحصابي (جمع حصباة وهي أقل سعرا من الدانة). وقد عاصر الفقيد العديد من نواخذة او ربابنة الغوص وأصحاب السفن الشراعية في الخور بتلك الفترة، وبعد كساد اللؤلؤ وانخراط الناس في العمل بشركة النفط مع كافة اهل قطر الذين تيسرت امورهم الوظيفية، حيث عملوا في التنقيب عن النفط من خلال تواجدهم وعملهم في منطقتي دخان ومسيعيد، واستمر في عمله لعدة سنوات في "دخان". وقد عاصر الفقيد العديد من الرواة والاخباريين وشعراء النبط الذين اشتهروا في قطر خلال القرن الماضي ونهل منهم الاشعار والحكايات، كما كان ملازما لربابنة الغوص وروى عنهم الكثير من الاحداث عن زمن الغوص وحياة البحر المليئة بالاسرار الخفية عن تلك الأيام الخوالي التي تعد فترة مهمة من فترات التاريخ البحري في قطر قبل اكتشاف النفط وتصديره للعالم الخارجي لأول مرة في سنة 1949م. وقد قام الوالد إبراهيم المريخي بتسجيل احدى الحلقات التوثيقية بالتلفزيون القطري حول سنة الطبعة (سنة الدالوب) التي وقعت احداثها عام 1925م. والدالوب إعصار بحري تسبب في تضرر السفن ووفاة بعض البحارة في قطر والخليج، ولم يعاصر الفقيد هذه الكارثة البحرية ولكنه عاصر من عاش هذه الحادثة ونقل منهم احداثها بالتفصيل. كما قامت قناة الريان الفضائية بعمل احد الأفلام الوثائقية عن رحلة غوص من الدشة الى القفال بعنوان "أبناء البحر" بقيادة مجموعة من الشباب القطري بإشراف النوخذا الشاب "عبدالله بن حسن بن مصبح البكر الكواري"، وناقش معهم هذه الرحلة بعد العودة الوالد إبراهيم بن علي المريخي رحمه الله، وقدمت الحلقة الوثائقية بشكل يجعلك تعيش أيام الغوص على اللؤلؤ وكأنك تشاهدها امامك، وعرضة العمل في سنة 2010 م. وللوالد إبراهيم المريخي عدة أبناء وهم: علي – عيسى – جاسم – غانم – سلطان – محمد. ◄ كلمة أخيرة: اجتهد أبناء الفقيد إبراهيم المريخي فأصدروا احد كتب التراث البحري في قطر بعنوان "الكنز" تناولوا فيه بعض المرويات الشفهية لوالدهم من حكايات وأمثال ونوادر ومصطلحات تتعلق بالغوص والحياة البحرية في قطر قديما، وهو بلا شك من مصادر التراث القطري التي ستعيش لزمن طويل مع الحاجة لتطويره واستحداثه باستمرار.