14 سبتمبر 2025

تسجيل

فضل القرآن الكريم (8-9)

12 يوليو 2015

ما ينبغي أن يكون عليه حامل القرآن :قال ابن مسعود  : ينبغي لحامل القرآن أن يكون باكياً محزوناً حكيماً حليماً سكيناً . وقال ابن مسعود  : ينبغي لحامل القرآن أن يُعرف بليله إذ الناس نائمون ، وبنهاره إذ الناس مفطرون ، وبحزنه إذ الناس يفرحون ، وببكائه إذ الناس يضحكون ، وبصمته إذ الناس يخوضون ، وبخشوعه إذ الناس يختالون . ولا ينبغي لحامل القرآن أن يكون جافياً ولا غافلاً ولا صخاباً ولا حديداً . وقال الفضيل بن عياض (رحمه الله) : حامل القرآن حامل راية الإسلام ، لا ينبغي أن يلغو مع من يلغو ، ولا يسهو مع من يسهو، ولا يلهو مع من يلهو تعظيماً لله تعالى ، ولا ينبغي أن يكون له إلى أحد حاجة، بل ينبغي أن تكون حوائج الناس إليه . وقال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما : من جمع القرآن فقد حمل أمراً عظيماً ، لقد أُدْرِجتِ النبوة بين كتفيه غير أنه لا يوحى إليه ، فلا ينبغي لحامل القرآن أن يَحِدّ مع من يَحِدُّ ولا يجهل مع من يجهل ، لأن القرآن في جوفه .وقال الآجُرِّي ( رحمه الله ) : ينبغي لحامل القرآن أن يجعل القرآن ربيعاً لقلبه ، وَيُعَّمرَ به ما خرب من قلبه ، يتأدب بآداب القرآن ، ويتخلق بأخلاق شريفة ، يَبِينُ بها عن سائر الناس ممن لا يقرأ القرآن .فأول ما ينبغي له : أن يستعمل تقوى الله عز وجل في السر والعلانية باستعمال الورع في مطعمه ومشربه وملبسه ومكسبه ، ويكون بصيراً بزمانه وفساد أهله ، فهو يحذرهم على دينه ، مقبلاً على شأنه مهموماً بإصلاح ما فسد من أمره ، حافظاً للسانه، مميزاً لكلامه .إن تكلم تكلم بعلم ، إذا رأى الكلام صواباً ، وإذا سكت سكت بعلم ، إذا كان السكوت صواباً ، لا يخوض فيما لا يعنيه ، يخاف من لسانه أشد مما يخاف من عدوه ، يحبس لسانه كحبسه لعدوه ليأمن من شره وسوء عاقبته ، قليل الضحك فيما يضحك فيه الناس ، لسوء عاقبة الضحك .لا يمدح نفسه بما فيه ، فكيف بما ليس فيه ، يحذر نفسه أن تغلبه على ما تهوى مما يُسخطُ مولاه ، لا يغتاب أحداً ولا يحقر أحداً ولا يسب أحداً ، ولا يشمت بمصيبة ، ولا يبغي على أحد ولا يحسده ، ولا يسيء الظن بأحد إلا بمن يستحق ، يحفظ جوارحه عما نُهي عنه .ولا يجهل، فإن جُهِلَ عليه حَلُمَ، ولا يظلم، فإن ظُلِمَ عَفَا، ولا يبغي، فإن بُغِيَّ عليه صبر، يكظم غيظه لِيُرْضِي ربه، متواضع في نفسه ، إذا قيل له الحق قَبِلَهُ من صغير أو كبير ، يطلب الرفعة من الله عز وجل لا من المخلوقين، لا يتأكل بالقرآن، ولا يحب أن تُقضى له به الحوائج، ولا يسعى به إلى أبناء الملوك، ولا يجالس به الأغنياء ليكرموه .يُلزم نفسه بِرَّ والديه فيخفض لهما جناحه، ويخفض لصوتهما صوته، ويبذل لهما ماله، وينظر إليهما بعين الوقار، يدعو لهما بالبقاء، ويشكر لهما عند الكبر، لا يضجر بهما ولا يحقرهما، إن استعانا على طاعة أعانهما، وإن استعانا على معصية لم يعنهما عليها ، ورفق بهما في معصيته إياهما ، يحسن الأدب ليرجعا عن قبيح ما أرادا مما لا يحسن بهما فِعْلُهُ . يصل الرحم ويكره القطيعة لمن قطعه، من عصى الله فيه أطاع الله فيه .إن عَلَّمَ غيره رفق به، لا يُعنف من أخطأ ولا يُخجله، رفيق في أموره، صبور على تعليم الخير، يأنس به المتعلم ويفرح به المجالس، مؤدب لمن جالسه بأدب القرآن والسنة، يتصفح القرآن ليؤدب نفسه، فالمؤمن العاقل إذا تلا القرآن استعرض فكان كالمرآة يرى بها ما أحسن من فعله، وما قَبُحَ منه، مما حَذَّرهُ مولاه حَذِرهُ، وما خَوَّفهُ من عقابه خافه، وما رغبه فيه مولاه رغب فيه ورجاه .فمن كانت هذه صفته أو ما قارب هذه الصفة فقد تلاه حق تلاوته، ورعاه حق رايته، وكان له القرآن شاهداً وشفيعاً وأنيساً وحرزاً، ومن كان هذا وصفه نفع نفسه ونفع أهله وعاد على والديه وعلى ولده كل خير في الدنيا والآخرة .