11 سبتمبر 2025
تسجيلما هي الفرص المتوفرة أمام المسلمين لاستغلال الإعلام الجديد وخاصة الانترنيت للقيام بالدعوة والتعريف بالإسلام والرد على الصور النمطية والتشويه والتضليل والحملات الدعائية المغرضة؟ هل وظف المسلمون الإمكانيات والوسائل التي يوفرها الإعلام الجديد لنشر الثقافة الإسلامية. فللشبكة العنكبوتية ميزات عديدة تؤهلها للعب أدوار محورية للتحاور مع الآخر ونقل التراث الثقافي والحضاري للعرب والمسلمين للآخر. ما هو وضع الثقافة الإسلامية في ظل العولمة وما هي خصائص المجتمع الرقمي؟ إلى أي مدى عولمت تكنولوجيا الاتصال الجديدة الثقافة وجعلتها أحادية البعد؟ ما هي الفرص المتوفرة لنشر الثقافة الإسلامية في العصر الرقمي وما هي التحديات التي تواجهها هذه العملية في عصر تحكمه القوى العظمى وتسيطر على صناعة الصورة فيه الشركات الإعلامية والثقافية المتعددة الجنسيات. وأخيرا تناقش الورقة آليات وسبل نشر الثقافة الإسلامية في العصر الرقمي حيث ضرورة اعتماد لغة العصر وثقافة الحوار والتواصل بين الحضارات وتوفير الإمكانيات والموازنات الضرورية بالإضافة إلى التنسيق بين الجهات المختلفة لإيصال الثقافة الإسلامية إلى المنابر العالمية. هل حان الوقت للتفكير ولاتخاذ اللازم لتسويق الصورة الحقيقية للعرب وللمسلمين للعالم بلغة العصر و بتكنولوجية الألفية الثالثة؟ لقد اهتزت صورة الإسلام و العرب في السنوات الأخيرة في الرأي العام الدولي بصورة خطرة جدا ساهمت في العديد من المرات في اتخاذ مواقف معادية وسلبية ضد الشعوب العربية والإسلامية. و المشكل هنا يطرح على مستويين، المستوى الأول و هو الصورة الباهتة و الضعيفة للإسلام داخل الدول الإسلامية نفسها حيث أن وسائل الإعلام العربية وقادة الرأي لم ينجحوا في احتواء الصور النمطية والآراء المشوهة و المضللة للإسلام و المسلمين، كما أن الإسلام السياسي وما أفرزه من تضارب الآراء و الأطروحات ترك الشارع العربي و الإسلامي في مفترق الطرق. ما يحدث في إيران و السودان و أفغانستان و الجزائر و اليمن قضايا و مسائل يكتنفها الكثير من الالتباس والغموض بالنسبة للغالبية العظمى من الشارع العربي والإسلامي فما بالك بالنسبة للرأي العام الدولي.العالم الإسلامي أمام تحديات كبيرة لنشر ثقافته وتقديمها للآخر، حيث أن وسائل الاتصال الحديثة وخاصة الانترنيت تشكل وسيلة محورية و استراتيجية للذي يعرف كيف يوظفها بعقلانية ومهنية وحرفية للوصول إلى الآخر ومحاورته والتواصل معه. فالثقافة الإسلامية اليوم لم تأخذ نصيبها الذي تستحقه من التواجد في المنابر والمحافل الثقافية الدولية. فحضورها ضحل ومحتشم وفي الكثير من الأحيان نجدها تعاني التهميش والتضليل والتشويه والتنميط، حتى أصبحت الثقافة الإسلامية تنحصر في الإرهاب والجرائم و إقصاء الآخر، في عالم تسيطر عليه الثقافة الرأسمالية الغربية. فالعالم اليوم يعيش العصر الرقمي الذي يتميز بسرعة فائقة في تبادل المعلومات وكذلك غزارتها كما يتميز بعولمة الثقافة وبـ "اللازمان" و"اللامكان" وانهيار الحدود والرقابة. ففي عالم اليوم تعيش الشعوب والأمم في صراع محتدم على صناعة الصورة و تشكيل الرأي العام والسيطرة عليه. فمن خلال البث الفضائي المباشر والشركات الثقافية والإعلامية العابرة للقارات والشبكة العنكبوتية العالمية أصبح العالم قرية صغيرة يتحكم في ثقافتها من يتحكم في تكنولوجية وسائل الاتصال الحديثة وفي المصادر المالية الضخمة التي توظف في المنتجات الثقافية المختلفة من أخبار وترفيه وأفلام ومسلسلات وإعلانات...الخ. إن إشكالية نشر الثقافة الإسلامية في العصر الرقمي تتمحور حول الاستغلال الأمثل للوسائل والإمكانيات المتاحة من تكنولوجيات حديثة لوسائل الاتصال ومن وسائط متعددة. فالحضور الثقافي على المستوى الدولي بحاجة إلى جهود كبيرة منسقة و منظمة تخاطب الآخر بلغة العصر وبمنهجية وبعلمية وبمنطق حتى تحقق المبتغى منها. إن المشاركة في التراث الثقافي العالمي تحتاج إلى إنتاج فكري وعلمي وتحتاج إلى جودة ونوعية تستطيع أن تنافس ما هو موجود على الساحة العالمية، مما يعني أن هناك تحديات جسيمة و كبيرة جدا تنتظر العالم الإسلامي في مسعاه لنشر الثقافة الإسلامية. ومن بين أهم هذه التحديات سيطرة "الذين يملكون" على صناعة الثقافة العالمية وكذلك أحادية الثقافة العالمية وهيمنة الشمال على الجنوب. من جهة أخرى يجب الحذر والاحتياط عند الكلام عن الانترنيت وتكنولوجيات وسائل الاتصال حيث أن هناك جوانب سلبية ومشكلات عديدة تشوب هذه الوسائل التي تعتبر سلاحا ذا حدين. فالشباب المسلم في جميع أنحاء العالم مثله مثل الشباب الموجود فوق هذه المعمورة يعاني من التسطيح والتهميش والإقصاء والاغتراب وانفصام الشخصية. فهناك مواقع عديدة على الانترنيت تشوه الإسلام وتسيء للدين الحنيف باسم الإسلام، وهناك مادة إعلامية وثقافية نجدها حبلى بقيم دخيلة غريبة وعجيبة لا علاقة لها بالقيم الإسلامية السمحاء وبالقيم الانسانية الكونية. بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001 و إعلان الحرب على الإرهاب زادت الحملات المعادية للإسلام واغتنمت جهات عديدة الفرصة لتأكيد الصور النمطية ولتمرير الرسائل والصور والأفكار التي تشّوه الإسلام وتفّرغه من قيمه السامية ومن مبادئه الإنسانية الراقية. وفي ظل العولمة انتشرت ثقافة الأقوى والأعظم على حساب الذي لا يملك والذي يستهلك ويستقبل فقط وبذلك انتشر مصطلح صراع الحضارات على يد منظرين أمثال توينبي و برنارد لويس و صامويل هنتغتون وفرنسيس فوكوياما و غيرهم بالرغم من محاولات عديدة من مفكرين ينادون ويدعون لحوار الحضارات والديانات . فهناك من يرى ويرّوج لفكرة أن الإسلام عبر التاريخ والحضارات كان وما يزال تهديدا قائما و خطرا دائما على الحضارات المغايرة له و أنه معاد للهويات والثقافات والديانات الأخرى. وفي ظل هذا التشويه والحرب النفسية اهتمت ماكينات صناعة الرأي العام الغربية بتشكيل الوعي وقولبته وفق ما تمليه الأيديولوجية السائدة والتي ترى في الإسلام عدوا للإنسانية وعدوا للحضارة ودين الإرهاب وإقصاء الآخر. هل حان الوقت للرد على الافتراءات و على الإساءات العديدة الموجهة ضد الإسلام والمسلمين وتقديم الصورة الحقيقية للعرب وللمسلمين للعالم بلغة العصر وبتكنولوجية الألفية الثالثة؟ ماذا أعد العرب والمسلمون للآخر لمحاورته وإعطائه الصورة الحقيقية للإسلام و لتاريخ الحضارة الإسلامية ولماذا قدمه هذا الدين السميح للبشرية جمعاء من قيم وأخلاق ومبادئ وعلوم. لقد اهتزت صورة الإسلام والعرب في السنوات الأخيرة في الرأي العام الدولي بصورة خطرة جدا ساهمت في العديد من المرات في اتخاذ مواقف معادية و سلبية ضد الشعوب العربية والإسلامية ناهيك عن المضايقات والاعتقالات وسجن وإيقاف مئات الأبرياء في العديد من المطارات والعواصم العالمية بدون سابق إنذار وبدون محاكمة وفق القوانين والأعراف المعمول بها دوليا.