12 سبتمبر 2025
تسجيلثقافته وأسلوبه الدعوي (1)مقدمة: أصيبت الدولة العثمانية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلادي بداء الأمم كالحسد والبغضاء، ونخرت في كيانها العصبيات القومية، فظهرت الدعوة إلى القومية الطورانية والعربية والكردية.. وبدأت الثورات تنفجر في بلدانها، والحركات الانفصالية تتكاثر مدعومة بالدول الأوروبية التي كانت تستعد لتقسيم تركة (الرجل المريض).وأصبحت الأمة تعاني أمراضا اجتماعية متعددة منها تفشي الجهل، والمظالم بين الناس، وصراع الولاة على حطام الدنيا، وعاشت حقبة من الزمان في ظلام دامس وليل حالك. لقد جمد المسلمون في علوم دينهم فليس لديهم إلا ترديد بعض الكتب الفقهية والنحوية والصرفية ونحوها. وجمدوا على فقه المذاهب، وكان جل همهم حفظ المتون والتعمق في الحواشي.وبدأت الدول الأوروبية تستقطع من عالمنا الإسلامي أجزاء كلما أتيحت لها الفرصة. لقد اهتز المسلمون لهذا الاحتلال الصليبي اهتزازا عنيفاً، كما أبرز احتكاكهم بالغرب، واطلاعهم على تقدمه، تخلف المسلمين وانحطاطهم.ومن هنا برزت حركات الإصلاح التي كانت قد ظهرت جذورها في العالم الإسلامي منذ النصف الثاني من القرن الثامن عشر بتأثير طائفة من العوامل من بينها، سوء الأوضاع الداخلية في العالم الإسلامي، وتحدى العالم الصليبي المحتل.فقامت حركة الشيخ محمد بن عبدالوهاب في نجد، وكانت البداية الحقيقية لما حدث في العالم الإسلامي من يقظة جاءت بعد سبات طويل، وما نتج عنها من صحوة مباركة بدأت على أثرها الأمة تتلمس كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لتسير على هدى الإسلام الصحيح في حياتها.وظهرت الحركة السنوسية على يد مؤسسها الإمام محمد بن علي السنوسي بعد وفاة الشيخ محمد بن عبدالوهاب بعشرات السنين، وكان لدعوته أثر بالغ في مسيرة الأمة الإسلامية في الحجاز وشمال إفريقية وغربها ووسطها وغيرها من بلدان العالم الإسلامي. فمن هو محمد بن علي السنوسي، حياته، رحلاته، أعماله، وأسلوبه الدعوي؟