13 سبتمبر 2025

تسجيل

حضارة النبوة الخاتمة.. رحمة للعالمين

12 يوليو 2014

الرحمة هي أعلى درجات الرقى والسمو والحنو والتعاطف والرأفة والإحسان، وهي منبع الصفات وخصائص الخير جميعاً، هي غاية الشريعة، فالتراحم بين الناس هو سبب تنزل رحمة الله عليهم، ورحمة الله تقتضي أيضا التراحم بين الناس. "الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء" أخرجه الترمذي.فالرحمة في الحضارة الإسلامية هي مقياس السلوك الراقي للتأسي الحائل دون القسوة والجفاء، قال تعالى: (فبما رحمة من الله لنت لهم وكنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك)، آل عمران: 159.وقد لا نستغرب في حضارة الإسلام إذا علمنا أن الرحمة هي من أعلى القيم حتى على أرض المعركة، أرض المواجهة والشوكة والتعبئة النفسية والعملية، حيث لا يجوز في المعركة الخروج عن القيم: لا يجوز أن يقتل طفل أو امرأة أو شيخ كبير أو عابد منقطع لعبادته، وألا يقطع شجر، ولا يعقر حيوان إلا لمأكلة، وفي هذا المجال نماذج كثيرة معروفة في مظانها من سير الحروب والغزوات الإسلامية، حتى الحروب نفسها لا يبرر شنها في الإسلام إلا دفاعا عن شيوع الرحمة، وتحقيقا لحرية الاختيار، والحيلولة دون الضغوط والإكراهات والعنف، يقول تعالى: (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة)، الأنفال: 39. أي حتى لا يكره إنسان ويجبر ويعنف ليحمل على ما لا يختار. الرحمة بالحيوانوالرحمة، التي هي مرتكز الحضارة الإسلامية وهدفها، لا تقتصر على عالم الإنسان – كما أسلفنا – وإنما تتجاوز إلى الكون كله، بحيواناته ونباتاته، يقول صلى الله عليه وسلم "في كل كبد رطبة أجر" أخرجه البخاري، كتاب المساقاة. ويقول صلى الله عليه وسلم: "دخلت امرأة النار في هرة (والهرة من السباع)، ربطتها فلا هي أطعمتها ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت هزلا. أخرجه مسلم، كتاب التوبة.ويوعد المسلم بدخول الجنة إذا أنقذ كلباً من العطش: قال النبي صلى الله عليه وسلم "بينما رجل يمشي فاشتد عليه العطش فنزل بئرا فشرب منها، ثم خرج فإذا بكلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال: لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي، فملأ خفه ثم أمسكه بفيه، ثم رقي فسقى الكلب، فشكر الله له، فغفر له". أخرجه البخاري، كتاب المساقاة.وبالله التوفيق.