15 سبتمبر 2025

تسجيل

أولويات التشكيلة الوزارية الجديدة في تركيا

12 يونيو 2023

بعد الفوز في الانتخابات وأداء اليمين في البرلمان، أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان تشكيلة فريقه الرئاسي. وللوهلة الأولى وبالمقارنة مع حكومات حزب العدالة والتنمية على مدار 21 عاما، يمكن القول إن التشكيلة الحالية هي الأكثر مهنية والأكثر قوة، بالنظر للأسماء التي رشحت للمناصب الكبيرة والوزارات السيادية التقليدية الدفاع، والداخلية والخارجية والمخابرات وكبير مستشاري الرئيس نجد أسماء مثل يشار غولار، هاكان فيدان، إبراهيم كالين، عاكف تشاغاتي كيليتش، الذي عمل وزيرا للثقافة والشباب على مدار أكثر من 5 حكومات سابقا وأثبت نجاحه، وكل هذه الأسماء هي من الأسماء القوية المشهود لها بالكفاءة والمهنية في تخصصاتها وأعمالها السابقة. من مميزات الأسماء السابقة عدا عن كفاءتهم ومهنيتهم مواقفهم في اللحظات الصعبة مثل محاولة انقلاب 15 يوليو ومنهم وزير الدفاع الحالي ورئيس الأركان السابق يشار غولار أنه كان ممن لهم دور في مواجهة انقلاب 15 يوليو 2016، ومن الأسماء المؤثرة في الجيش التركي. وكذلك الحال مع كل من إبراهيم كالين وهاكان فيدان وعاكف تشاغاتاي كليتش. وبالنظر للأسماء الأخرى مثل نائب الرئيس جودت يلماز، وكذلك حقيبة الاقتصاد وعلى رأسها وزارة الخزانة والمالية التي يقودها مهمت شمشك فإنه يمكننا القول إن محمد شمشك يعتبر من الأسماء التركية اللامعة في مجال الاقتصاد ومن الذين يشار إليهم بالبنان وقد جيئ به من أجل إيجاد حلول للمشاكل الاقتصادية في تركيا. ويتوقع أن يكون لشمشك دور في التأثير على سمعة تركيا الاقتصادية لدى الجهات المستثمرة في الغرب ولدى مؤشرات الاقتصاد العالمية. وباختصار يقول تعيينه أمام كل المراقبين للاقتصاد التركي أن الاقتصاد سيأخذ منحى متنبئا به ومبنيا على القواعد الاقتصادية المعروفة. لذلك ليس من الخطأ أن نقول إن الأولوية الأولى للحكومة الحالية في تركيا هي تحسين وضع الاقتصاد التركي، بالإضافة لما يلزمه ذلك من تحقيق الاستقرار في البيئة الداخلية والخارجية وهو ما يمثل استمرارا لما بدأت به تركيا منذ سنتين تقريبا. وهنا لابد أن نشير إلى أن هناك مجموعة من الملفات التي ستكون نقاط اختبار في السياسة الخارجية، ومنها موقف تركيا من عضوية السويد في الناتو، وموقف الكونجرس الأمريكي من منح طائرات إف16 لتركيا، وموقف الولايات المتحدة من دعم بي واي دي شمال سوريا. داخليا تشير شخصية وزير الداخلية التركي علي يرليكايا إلى الرغبة بتحقيق الاستقرار الداخلي، فالوزير السابق صويلو جاء للوزارة من عالم السياسة وما يحمله من استقطاب، ولكن الوزير الجديد جاء من التسلسل البيروقراطي للوزارة وهو بعيد عن الاستقطاب السياسي. أخيرا يمكن القول إن أردوغان غيّر 80% من الوزراء مع بقاء وزيرين فقط من التشكيلة الماضية هما وزير الصحة ووزير السياحة، وقد خرجت التشكيلة بشكل قوي جدا. في تركيا يطلق على مدرب كرة القدم اسم الهوجا أي المعلم أو المدرس، وعندما يكون لدى المدرب أسماء لاعبين أقوياء على دكة الاحتياط فإنه يشير إلى أن لهذا المدرب مدرسة ويميل بعض الخبراء إلى أن أردوغان استطاع تأهيل العديد من المحيطين حوله ليكونوا وزراء في إطار مدرسته السياسية وما زال في جعبته الكثير من الأسماء بل تشير التشكيلة الحالية إلى أنه استطاع اجتذاب وزير سابق مثل شمشك وحل معه الإشكالات السابقة ليعطي فرصة لإيجاد حلول مبنية على المهنية. وبينما ثارت تساؤلات بعد هذه الانتخابات حول خليفة أردوغان بعد انتهاء مدة 5 سنوات ومن هي الأسماء المرشحة لذلك، وقد يكون هذا تساؤلا مشروعا إلا أن التركيز على المدرسة قد يكون أولى من التركيز على أسماء الطلبة إن جاز لنا التشبيه انطلاقا من افتراض وجود مدرسة أردوغان السياسية.