12 سبتمبر 2025

تسجيل

وخالق الناس بخلق حسن

12 يونيو 2016

الخلق الحسن من خصال التقوى ولا تتم التقوى إلا به وإنما أفرده النبي صلى الله عليه وسلم بالذكر للحاجة إلى بيانه فإن كثيرا من الناس يظن أن التقوى هي القيام بحق اللهدون حقوق عباده لذلك يقصر كثير من الصالحين في حقوق الخلق أو يهملونها بالكلية لاشتغالهم بحقوق الله فجمع النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ في وصيته بين حق اللهوحق عباده. وقد تكاثرت النصوص على فضل حسن الخلق والأمر به كما قال تعالى: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا). وقال تعالى: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاس). وجماع حسن الخلق بذل الندى وكف الأذى كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (البر حسن الخلق). رواه مسلم. وقال ابن المبارك: (هو بسط الوجه وبذل المعروف وكف الأذى). وقال الشعبي: (حسن الخلق البذل والعطية والبشر الحسن). ولحسن الخلق أنواع كثيرة تعود إلى معناه منها: التواضع والجود والحلم والأناة والرفق والوفاء والصدق والنصيحة وأداء الأمانة والستر والإصلاح والرحمة وبر الوالدين والصلة والشجاعة والإيثار والعفو والبشر وطيب الكلام والعدل. ولحسن الخلق فوائد جمة ومزايا عظيمة: دخول الجنة وتثقيل ميزان العبد وكمال الإيمان وقرب المجلس من رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة وبلوغ منزلة رفيعة في الدين وزيادة العمر وبسط الرزق وكشف الكرب واندفاع النقم وكسب محبة الخلق في الدنيا. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا ما ترك خيرا إلا تمثل به وما ترك سوءا إلا هجره وكان قدوة حسنة في جميع أبواب الخير وخصال الإيمان كما قال: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق). وقال إنس (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا) متفق عليه. وقد أثنى عليه الله سبحانه بقوله (وأنك لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ). وكان يتمثل أخلاق القرآن الفاضلة كما قالت عائشة واصفة خلق رسول اللهصلى الله عليه وسلم: (كان خلقه القرآن). وكان كلامه وألفاظه من أطيب الكلام كما قال عبد الله بن عمرو بن العاص: (لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا) متفق عليه. وكان رفيقا بأهله وولده كما قال صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي). رواه الترمذي. وكان رفيقا بخادمه كما قال إنس: (خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين والله ما قال لي أفا قط ولا قال لي لشيء لم فعلت كذا وهلا فعلت كذا). رواه مسلم. وكان حليما بأصحابه وكان متواضعا غاية التواضع وكان زاهدا في حطام الدنيا لا ينازع الناس في دنياهم وحظوظهم وكان متفانيا في هداية الخلق لربهم وكان رفيقا عادلا مع الكفار وكان رفيقا في إرشاد الجاهل والفاسق والتائب إلا إذا اقتضت المصلحة في التعنيف عنف وكان لا يغضب لنفسه فإذا انتهكت محارم الله غضب لله ونصرة لدينه والحاصل أنالله حباه وجبله ووفقه لمكارم الأخلاق ومحاسن الصفات فينبغي للمسلمين أن يتخذوا حياته وشمائله وفضائله مدرسة وقدوة حسنة للتربية على حسن الخلق ونشرها في الأجيال والمراكز التعليمية والدورات التدريبية. فأسأل الله أن يرزقنا الإخلاص في محبته واتباعه في هديه ظاهرا وباطنا ونصرة دينه والاجتهاد في نشر سنته.