15 سبتمبر 2025
تسجيلفي نقاش مع بعض الإسلاميين على مواقع التواصل الاجتماعي خلصنا إلى أربع حجج تتردد على بعض الألسن لإدانة حكم مرسي والإخوان في مصر أو لتقليل قيمة الخروج عليه.. وأرى أن أتعرض لها وأناقشها ليتبين ما أظنه حقا ولا يضل أو يزيغ مخلصون فيصيروا من حيث لا يشعرون عونا للفاجرين ومعولا في يد أعداء الإسلام.. والحجج الأربع 1- أن حكم مرسي كان يستند إلى شرعية الديمقراطية التي هي من صناعة غير المسلمين وليست من الإسلام أو مصطلحاته في شيء .2- أن مرسي لم يحكم بشريعة الإسلام يوم حكم وأن أتباعه ينشغلون اليوم بالمطالبة بالدماء ويقدمونها على المطالبة بحكم الشرع 3- وأن على الإسلاميين في ضوء ما وقع منهم ولهم أن يظلوا دعاة ومعلمين للناس وألا يتخوضوا هذه التخوضات السياسية التي لا يفهمونها والتي تقلل شأن الدين وتنقص قداسته 4- أن مصر بحاجة اليوم لمن يصلح ما انكسر وليس من يزيد الشر..وأقول: أما أن شرعية الديمقراطية ليست من الإسلام فغير صحيح ؛ وهذه الشرعية هي ذاتها شرعية الانتخاب التي تميز واحدا من الناس فيصير له على الأمة حق الطاعة عمن سواه من الذين تتوفر فيهم ذات صفاته ومؤهلاته.. كالتي اكتسبها سيدنا عثمان من بين الستة الذين رشحهم أمير المؤمنين عمر ؛ ثم إن الديمقراطية التي نقبل بها بل ندعو لها هي ما يقابل الذي نراه من الاستبداد وكبت وإرهاب الأنظمة للمعارضين أو تقابل حكما مدعما من اليهود وأمريكا وأنظمة الفجور وتواضروس.. وليست الديمقراطية التي تقابل حكم الشرع.. ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخض حروبا ومعارك على الألفاظ والمصطلحات واستعمالاتها دائما بقدر ما كان يضمنها المعاني الصحيحة كقوله " انصر أخاك ظالما أو مظلوما " يقصد عونه ورده.. وأما أن المطالبة بالدماء تقديم للمفضول وترجيح لحق البشر على حكم الشرع، فلا أرى ذلك إلا في ذهن من جعل الشرع والدين نقيضا لعصمة الدم ومصالح الأمة ؛ وإلا فدم المسلم محرم ومعصوم في شرع الله وهو أعظم حرمة عند الله من الكعبة ؛ فإن جئنا للدماء التي سفكها الانقلابيون فهي فوق أنها لم تسفك عن خطأ ولا عن استحقاق قد سفكت عن اعتداء وظلم وعن خروج على الحاكم الشرعي الذي انعقدت له بيعة صحيحة وهي فوق ذلك دماء الشرعية، فالمطالبة بها صارت عنوانا للمطالبة بإعادة كل الأمور إلى نصابها. وأما إلقاء الشبهات على حكم مرسي واستقصاء أخطائه أو المبالغة في ذمه فإنما يؤول من يفعله إلى أن يصير في محصلة الأمر من حزب الشيطان، وإلا فالرجل – مرسي ولا نزكيه على الله تعالى – قد فعل ما يستطيع ولم يقصر في طلب الحق، وإن عجز عنه ف(لا يكلف الله نفسا إلا وسعها).. ولقد تبين أنه كان يواجه دولة الفاسقين والفاجرين والخونة المسماة بالعميقة وأجهزة القضاء والجيش والأمن وميليشيات البلطجية ومكائد رجال الأعمال وأحزاب اليمين واليسار والناصريين والعلمانيين والليبراليين وأمريكا وإسرائيل والغرب والشرق والإعلام والمال الوسخ.. فما أنجزه في سنة رغم كل ذلك كثير بالقياس مع ما لم يستطع أن ينجزه المنقلب عليه في مثلها مع ما توفر له من أسباب النجاح والإنجاز.. وأما أن على الإسلاميين أن يبتعدوا عن الحكم لأنهم لا يفهمونه.. فلم هذا الشعور بالنقص والقلة والذلة ؛ فيما الإسلاميون مثقفون بارعو الثقافة.. وأما مرسي فهو يمارس العمل السياسي منذ أكثر من 45 سنة وله مواقف مشهودة قبل الرئاسة، فإن كان لا يصلح للحكم ومعه جماعة الإخوان التي تعمل في السياسة منذ 90 سنة ومشهود لها بالفهم والجهاد والتضحية والنقاء الوطني فمن من الإسلاميين يصلح له؟ إلا أن يكون المقصود أن يظل الحكم في أيدي أعداء الإسلام والفاسدين والظالمين! وأما أن مصر بحاجة إلى من يصلح ما انكسر ؛ فهذا صحيح ولكن هل المقصود أن مصر بحاجة لتحكيم شرع الله، ومنع الفساد، ومحتاجة لمنجزات الثورة من الحرية والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية.. أم المقصود أن مصر بحاجة للأكل والشرب والمسلسلات الهابطة وأن يُستأصل الإخوان وتسال الدماء وأن تظل تحت هيمنة الاحتلال الصهيوني والفساد وأن يعود نظام الساقط وحكم العسكر وأن تتغير هويتها وأن تزيف ثقافتها الوطنية والإسلامية وأن يزيد الافتراق الطائفي وأن تسود قيم الرقص والكذب والغدر؟ آخر القول: من يريد من الإسلاميين والوطنيين أن ينكص على عقبيه، وأن ينقلب على مقتضى حكم الشرع، وأن يمالئ الباطل فلا يلق بأوساخه على الدين، ولا يبرر بفهم معوج يدنس نقاء الشرع الحنيف ؛ فيكون قد فتن نفسه بالتقصير وفتن غيره بالتجهيل..