17 سبتمبر 2025
تسجيلاضطراب الهوية الجنسية اضطراب نفسي سلوكي وهو بصفة عامة من وجهة النظر النفسية اضطراب يرفض فيه الشخص نوعية الجنس الذي ولد عليه، فيسلك ويلبس ويعتنق سلوكيات وهوية الجنس المغاير. وتختلف أسباب ظهور هذا الاضطراب من شخص لآخر حسب خلفيته الشخصية وحسب درجة انحراف الهوية الجنسية، فقد أشارت بعض الأبحاث أن الاضطراب يبدأ عند بعض الأشخاص من مجرد افتراضهم أن هناك خطأ في هيئة أجسامهم وبالتالي يفترضون أن جنسهم يجب أن يكون مختلفاً. ويعتقد البعض أن الخلل في الهرمونات سواء الذكورية أو الأنثوية هو المسبب لاضطراب الهوية الجنسية، لكن الدراسات أثبتت أن الخلل يكون في السلوكيات والتصرفات وطريقة تمثلها من نفس الجنس، ويكون في انحراف تمثل الشخص لهويته الجنسية الطبيعية. ويمكن تلخيص أسباب هذا الاضطراب في عدة نقاط: منها تعزيز سلوكيات الجنس الآخر من قبل الأسرة لدى الشخص المضطرب في حالة إتيانها، وقلة الأطفال من نفس الجنس في المحيط الاجتماعي مما يجعل الشخص يميل للجنس المغاير في اهتماماته، إضافة إلى أن بعض الأسر تلتصق وتقترب فيها الأم من ابنها أو الأب من ابنته، فيميل الطفل لسلوك أحد الوالدين ويتقمصه، بل ويعزز الوالد هذا التقمص والتقليد. كما أن الأطفال - الذكور خاصة - الذين يحملون الملامح الأنثوية قد يكونون عرضة للتحرشات الجنسية أو التعليقات اللاذعة والتي تتسبب في انحراف هويتهم الجنسية الحقيقية، كما أن ظهور ملامح الخشونة لدى الإناث قد يعرضهن لتعليقات تتسبب في انحراف هويتهن الجنسية. إن أعراض هذا الاضطراب لا تكون مستترة أو مخفية، بل إن التصريح من الشخص برفضه لجنسه الأصلي ورغبته بأن يكون من الجنس المغاير من أهم أعراض هذا الاضطراب، كما يبدي الشخص عادة انزعاجه من جنسه الأصلي، ويمكننا تلخيص الأعراض في عدد من النقاط منها: الميل للعب بألعاب الأطفال من الجنس المغاير، والميل للجنس الآخر في طريقة الملبس، والخشونة في أسلوب المشي حالة الإناث، والميوعة حالة الذكور وعدم تقبل الجسد، ورفض الهوية الجنسية والدور الجنسي المتمثل في نفس الجنس الذي ولد عليه الشخص، والميل للنشاط الذكوري في حالة الإناث والنشاط الأنثوي في حالة الذكور. إن اضطراب الهوية الجنسية من الممكن أن يظهر في أي مجتمع طالما وجدت البيئة الخصبة لذلك وهو يكثر، كما أشارت الدراسات، في الذكور عن الإناث ويعتبر حالة مرضية أكـثر من كونه شذوذا جنسيا، ذلك أن المشكلة ليست في الميول الجنسية وإنما في رفض نوعية الجنس الذي يولد به الإنسان. ومن النقاط التي تساعد على علاج هذه المشكلة: حل الصراعات داخل الأسرة التي تساهم في تشتت هوية الطفل الذاتية والتي تندرج تحتها الهوية النفسية والجنسية وعدم تعزيز السلوكيات المغايرة للجنس الأصلي فترة الطفولة، ومنع السلوكيات والتصرفات والميول المخالفة للجنس الأصلي في الفترة المبكرة حتى لا تترسخ وتتحول لسمة يصعب تغييرها، بالإضافة إلى تصحيح مفهوم الطفل عن جنسه والدور الإيجابي الذي من الممكن أن يلعبه في حالة محافظته على هويته. ومن المهم في هذا السياق عدم التجاوب مع الشخص في تغيير جنسه جراحياً لما لذلك من آثار سلبية من الناحية النفسية والاجتماعية، وحتى لا يختلط الحابل بالنابل وتكون تلك مساحة للشواذ جنسيا، وكذلك التركيز على البنية المعرفية وإعادة تشكيلها وصياغتها بما يتماشى مع النوع والجنس الصحيح والواقعي. إن أزمة اضطراب الهوية الجنسية من الممكن أن تتلخص في الضائقة والاختلال الذي يطرأ على الفرد وعلى دوره الاجتماعي، بل وعلى تفاعل الآخرين معه، ولعل علاج هذا الاضطراب يأتي من خلال تعديل الأفكار الذي يؤدي بدوره للعدول عن المشاعر غير السوية. وقد نجحت أساليب العلاج المعرفي السلوكي وأساليب التحليل النفسي في علاج عدد من الحالات، خاصة المستبصرة بطبيعة اضطرابها. إن ضرورة احترام كل جنس للجنس الآخر ومشاركته له في المجالات المختلفة ضمن الحدود الشرعية واحترام الفروق الجنسية والأدوار المتبادلة يساهم في التزام كل طرف بحدود هويته الجنسية الخاصة به.