11 سبتمبر 2025

تسجيل

البوشيه وصراع الأضداد "1"

12 يونيو 2012

كأنه في صراع مع الزمن. فهو يواصل العطاء وبشكل مكثف. في إطار التأليف – الإعداد – الاقتباس. وهو لا يترك فرصة دون أن يصطاد اللحظة المناسبة في طرح القضية التي تستغل ذاكرته ويطرح شخوصه وأحداثه عبر لغة شاعرية. سواء ما هو مكتوب بالفصحى أو العامية. في إطار المواضيع، هو مهموم بقضايا الإنسان نعم يعود إلى الماضي القريب وينبش في الذاكرة ولكن لا يطرح شكلاً فلكلورياً باهتاً. على سبيل المثال في البوشيه يعود لنبش الماضي القريب والعلاقة الجدلية بين الأصلي واليسري. بين قوة المال وقوة الحجة. كل هذا عبر علاقة إنسانية متشابكة. نعم هنا اختلال طبقي في المجتمع ويطرح نماذجه وارتباط هذه النماذج بفنون المنطقة، ولكن كما أسلفت لا يهمه الإطار الفلكلوري ولكن كي يعرّي واقعاً يقوم على الزيف والخداع والغش واستعراض مكامن القوة. المشاهد للوهلة الأولى يظن أن الأمر في مجمله لعبة قوامها الصرناي والطبل وأجساد تتمايل. اللعبة أكبر من هذا بكثير. إن الأهازيج والأغاني إطار مكمل للعبة. ذلك أن فكر إسماعيل عبدالله أكبر بكثير في هذا الطرح. انه ينبش في ثنايا الأحداث وفي ثنايا قضايا المجتمع الذي ينتمي إليه ومصائر شخوصه مرتبطا بعلاقة جدلية بين وضوح الحياة والتستر حول بعض القيم، والادعاء بما لم يكن ولن يكون. إن التحدي بين الضعف من جهة والقوة المتسلقة في إطار الثروة والأصل أبرز أطر اللعبة ولكن إذا كان البعض لا يقترب من هذه المواضيع. فإن هذا المؤلف يعري دون خوف كل ما هو غير إنساني. ذلك أن القوة المتمثلة في الطبقية والجاه والانتماء إلى الأسرة ذات الشأن والسيطرة على الآخر وطحنه تحت أطر يغلف كل شيء. بدءاً بالحفاظ على الموروث الاجتماعي والعادات والتقاليد والأعراف والحفاظ على قيم المجتمع. ومع هذا فإن كل هذا يتحول إلى نموذج فج. ذلك أن المغنية والراقصة تعرف جيداً موطىء قدميها. تعمل في وضح النهار ولا تخشى مغبة فعلها. هذا هو الإطار الأول. ولكن هل هذا المؤلف يطرح قصة مكررة ملّها المشاهد عبر الدراما العربية. لا. إن هذا المؤلف ينسج خيوطاً موازية لهذا الصراع الذي يعتقد البعض أنه غير متكافئ. إن هذا الثري بجاهه وقدرته على خلق الرعب في نفوس الكل غائب عن مصير ابنه. لذلك يندفع العاشق الجبان ابن هذا الإنسان الذي يرسم لذاته دوراً أكبر. إن هذا الابن يتحدى كل شيء عبر الوصول إلى مبتغاه. ولكن يتحول فيما بعد عند حضور الأب. إلى أرنب جبان. هل أراد المؤلف أن يقول إن الإنسان بما يملك من إرادة يحقق كل شيء. أعتقد ذلك. وللحديث بقية.