11 سبتمبر 2025
تسجيلانفراد المحافظ الأجنبية في عمليات الشراء الصافي في مقال الأسبوع الماضي تناولت موضوع نتائج الشركات المساهمة في الربع الأول من العام، ورغم أن مجمل أرباح الشركات قد انخفض عما كان عليه في الربع الأول من العام 2018، إلا أن مؤشرات البورصة في الأسابيع الثلاثة المنتهية يوم 3 مايو كانت تسجل ارتفاعات ملحوظة اقترب معها المؤشر العام من مستوى 10500 نقطة. وكان من الواضح أن هذه الإرتفاعات قد تحققت نتيجة استمرار المحافظ الأجنبية في الإنفراد أغلب الوقت بعمليات الشراء الصافي للأسهم مقابل بقية الفئات الأخرى. وعندما أطل علينا الأسبوع الماضي، تغيرت المعطيات فجأة، وعادت المحافظ الأجنبية إلى الإنفراد بعمليات البيع الصافي للأسهم في بورصة قطر. ونتيجة لذلك تراجعت أسعار الأسهم وخسرت المؤشرات كل ما كسبته في الأسابيع الثلاثة السابقة وهبط المؤشر العام دون مستوى الدعم المهم وهو 10220 نقطة، بما قد يفتح المجال لمزيد من التراجع دون العشرة آلاف نقطة بعد ذلك. ويقودنا هذا التحليل إلى القول بأن المحافظ الأجنبية بات لها اليد الطولى في تقرير اتجاهات الأسعار والمؤشرات في البورصة، فإذا أقبلت على الشراء الصافي، ارتفعت المؤشرات، وإن أدبرت وباعت صافي، هبطت المؤشرات وانخفضت الأسعار. وقد يكون هذا الأمر منطقياً باعتبار أن كل لاعب في السوق يبحث في الأساس عن تحقيق الأرباح وتفادي الوقوع في الخسائر...ومع ذلك هنالك اعتبارات مهمة تدفع المتعاملين في البورصة إلى عمليات البيع السريع لجني الأرباح، أو تفادي الوقوع في الخسائر، ومنها ما يحدث هذه الأيام في عالمنا من صراعات سياسية وتأزمات اقتصادية وخلافات تجارية بين الأقطاب الرئيسية في العالم، والتهديدات المشتعلة من حولنا في منطقة الشرق الأوسط. فمن ناحية يتأزم الموقف بين الولايات المتحدة وإيران بشأن موقف الأولى من الملف النووي الإيراني، وما ترتب عليه من قرار الولايات المتحدة بفرض حظر على تصدير النفط الإيراني، وتهديدات إيران بإغلاق مضيق هرمز، وتعطيل التزامها ببعض الجوانب في الاتفاق النووي، وما تبع ذلك من التلويح الأمريكي بإرسال السفن الحربية إلى الخليج،، تماما مثلما حدث مع كوريا الشمالية قبل عامين، قبل أن ينفرج الأمر ويلتقي الطرفان على مائدة الحوار. ومن جهة أخرى تشتد المواجهة بين الولايات المتحدة والصين في موضوع الخلافات التجارية بين الدولتين. وقد أفادت وكالة كيودو اليابانية هذا الأسبوع، أن قرار الإدارة الأمريكية برفع الرسوم على السلع الصينية، من 10٪ إلى 25٪ بقيمة 200 مليار دولار، قد دخل حيز التنفيذ. وكان رد الرئيس الصيني على ذلك أن فرض هذه الرسوم على سلع وبضائع صينية، لن يحل المشكلة وسيضر بكل العالم. ومن الواضح أن اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية يضغط على الرئيس ترامب ويجعله يبحث عن كل السبل التي تضمن له إعادة التجديد لفترة رئاسية ثانية في نوفمبر 2020. وفي حين نجح ترامب في إعادة النمو الاقتصادي للولايات المتحدة، فإن سياسته لم تنجح في وقف تعاظم الديون الأمريكية التي بلغت 22.5 تريليون دولار. كما لم ينجح ترامب في وقف تدهور عجوزات الميزان التجاري مع العالم. فقد ارتفع العجز التجاري الأميركي في عام 2018 إلى رقمٍ قياسي ليبلغ 891 مليار دولار مقارنة بـ 795 مليار في عام 2017. وارتفع العجز التجاري مع الصين بمفردها إلى 419 مليار دولار. وبالنظر إلى تنامي النفقات العسكرية الأمريكية حيث إن ميزانية وزارة الدفاع لسنة 2019 هي الأعلى في تاريخ الولايات المتحدة ووصلت إلى 686 مليار دولار، بما يزيد من تأزم عجز الميزانية العامة الأمريكية سنة بعد أخرى. والخلاصة أن ما حدث في البورصة القطرية قبل أسبوع مرده قيام المحافظ الأجنبية بالبيع الصافي، وأن هذا الأمر قد يكون عائدا إلى اعتبارات فنية لجني الأرباح، وقد يكون بسبب التوترات السياسية والاقتصادية في العالم.