15 سبتمبر 2025

تسجيل

من هو رائد صلاح؟ ولماذا بعد تسع سنوات؟

12 مايو 2016

الشيخ رائد صلاح -رئيس الحركة الإسلامية في فلسطين الـ48- سلّم نفسه يوم الأحد الماضي للإدارة الصهيونية لتنفيذ حكم بالسجن لتسعة أشهر كانت محكمة صهيونية قضت به عليه في أكتوبر من العام الماضي في تهم تتعلق بخطبة ألقاها في العام 2007.وتعود القصة إلى ما قبل تسع سنوات وتحديدا يوم 16 \ 2 \ 2007 حيث خطب الشيخ رائد صلاح "خطبة الجمعة" في جمع من المصلين تجمعوا في منطقة "الصوانة" من وادي الجوز بالقدس الشريف منعهم الاحتلال من الصلاة في المسجد الأقصى وقال يومها إن "المؤسسة الإسرائيلية تريد بناء الهيكل من أجل استخدامه كبيت صلاة لله؛ كم هي وقحة! وكم هي كاذبة! لا يمكن أن يتم بناء بيت صلاة لله ودماؤنا ما زالت على ملابس وأبواب وطعام وشراب الجنرالات". الاحتلال اعتبر ذلك تحريضا على الكراهية فعقد له محكمة شكلية اعتراها الكثير من العوار والخدع (في ادعاءات النيابة، وفي المستمسك المادي الوحيد –شريط الفيديو- وفي رفض استجواب شاهد الاختصاص رغم اعتماد ورقته، وفي شهود الإثبات الذين زعموا أن الخطبة كانت مليئة بالتحريض رغم أنهم لا يعرفون اللغة العربية) إلى آخر ذلك من النقائص والنقائض والتحكمات). رافق الشيخ "صلاح" إلى سجنه موكب شاركت فيه قيادات فلسطينية من الداخل الفلسطيني بعضهم نواب في الكنيست عن القائمة المشتركة وممثلون لمؤسسات وهيئات وطنية، وقد نصبوا مع الشيخ احتفالية غنائية تراثية في موقع التسليم كرسالة واضحة بعدم الانثناء أمام مقاصد الاحتلال وضغوطه.الحديث يطول عن عدم مهنية القضاء الصهيوني، وعن الانحياز العنصري للكيان، وعن البعد السياسي لهذه المحاكمة؛ وعن دلائل تضامن فلسطينيي الداخل معه؛ لكن ثمة أمرين لا بد من التنويه لهما والتأكيد عليهما في هذه القصة..وأقول: الأول: متعلق بالتوقيت إذ يأتي تحريك هذه القضية ثم ترتيب الاعتقال عليها بعد تسع سنوات منها، وبعد قرار حظر الحركة الإسلامية بستة أشهر؛ ما لا يمكن أن يكون قضية عادية أو قضائية مجردة في توقيته أو في معناه أو في مضمونه القضائي..بالتالي فالتوقيت واتساقه مع التصعيد الاستثنائي والمعلن ضد الأقصى والقدس ينذر بالمزيد من التصعيد والجهورة الصهيونية لتقسيم المسجد الأقصى ومشروع هدمه واستبداله بما يسمونه الهيكل؛ خاصة أن الشيخ "صلاح" وحركته -الحركة الإسلامية– هم الذين ينافحون عنه ويحرضون الأمة لنصرته وينفذون برامج تثقيفية وخيرية وسياحية يومية وشهرية وسنوية.أما الثاني؛ فما قاله الشيخ "صلاح" قبيل تسليم نفسه لسلطات السجون الصهيونية من أنه ثابت على مبادئه الإسلامية والعربية والفلسطينية فيجمع بذلك حلقات الولاء الثلاث التي طالما عمل عاملون ماكرون على تفكيكها وعزلها بل وضربها ببعضها، ذلك يؤشر قطعا على منهج وثقافة وتأصيل الإخوان المسلمين؛ بدا ذلك أيضا في تصريحه بأنه مستعد لدخول السجن مرة بعد مرة لتأكيد هذه الثوابت، وأن تقييد حريته لن يثنيه عن مبادئه، ثم في إقامته مراسم الفرح الفلسطيني نشيدا وأهازيج..كل ذلك أعطى تأشيرا على ثلاثة مضامين: مضمون الخطاب الإسلامي بالفهم الإخواني وما يميزه من الوعي والقوة والحضور العملي الذي يجسده الرجل الذي ينتمي لهذا الفهم.ومضمون جمع الأعم الديني بالأخص القومي ثم أخص الأخص الوطني في القضية الفلسطينية خاصة وكل القضايا صغرت أو كبرت عامة.ثم مضمون المضاء والعزيمة التي تجعلهم يثبتون إذ يهتز الناس ويوجدون إذ يغيب الآخرون ويضحون إذ يتخلى الذين يستسهلون التنازلات.. آخر القول: ليس من قبيل الصدفة أن يكون من يدافع عن القدس والمسجد الأقصى ومن يحيي قيم الوطنية الفلسطينية في فلسطينيي الـ48 الذين أريد لهم أن يترسبوا في قعر المجتمع الصهيوني هو "رائد صلاح" الذي يحمل ذات الفكر وذات التوجهات والقيم الإسلامية وذات الروح القومية والوطنية التي يحملها من يدافعون عن شعوبنا وحريتها في كل مكان؛ فيما يلوذ آخرون طالما أكلوا وشربوا على القضية وطالما اجتروا الشعارات وهم اليوم بين نائم وآكل وخاسئ ومهزوم وفاشل ومستبد!!