11 سبتمبر 2025
تسجيلأدعو من خلال تأملات هذه المقالة للتفكير إن أمكن، ولا أقصد إشاعة الإحباط والتشاؤم.في عالمنا "العنيد"، يتظاهر الملايين بعواصمنا احتجاجا على رسومات تافهة لدانمركي تافه لم يسمع به أحد، بينما لم تخرج مظاهرة واحدة تدين إرهابيي "بوكو حرام" الذين اختطفوا أكثر من مائتي تلميذة مدرسة بنيجيريا وتوعدوا علنا ببيعهن بسوق النخاسة باسم ديننا الإسلامي وأساءوا لنا ولديننا. بعالمنا، نذهب لجامعاتهم للتعليم، ومستشفياتهم للطبابة والعلاج، ولديارهم للسياحة والمتعة، ثم نعود لنقول بأننا أفضل منهم! وحدنا ننام بعالمنا على حلم وحدة خليجية، ونفزع من النوع رعبا على أزمة دبلوماسية لا نعرف تفاصيلها! فقط بعالمنا، يحكم على أكثر من خمسمائة إنسان دفعة واحدة بالإعدام، ثم يعقب ذلك حكم بإعدام أكثر من ستمائة آخرين بعدما هاج العالم وماج على غرابة هذا الحكم! ندرك أن سبب تخلفنا في عالمنا يكمن في مناهجنا التي تكرر خزعبلات غيبية لتستنسخ لنا أجيالا بعد أجيال من الانفصاميين المتخلفين، لكن لا أحد منا يجرؤ على تبديل هذه المناهج وإحداث ثورة في عقل الجيل القادم.في عالمنا وحسب، تقصف طائراتنا الحربية مدننا، فلم يسجل التاريخ الحديث أن جيشا قصف مدنه بالطائرات سوى بعراق صدام وليبيا القذافي وسوريا بشار، ولا يزال القصف مستمرا!في عالمنا، تصدر فتوى بقتل كاتب بريطاني مغمور لكتاب سخيف لم نقرأه- لأننا لا نقرأ أصلا- ومنعناه من أسواقنا، فحققنا للمغمور الشهرة والثراء، بينما لا تزال الأمية تعشش في عالمنا بكل رحابة وترحاب، مسجلة أعلى المعدلات في العالم!في عالمنا وحده فقط لا غير، يتحكم الأموات بالأحياء، قوم يقاتلون دفاعا عن القبور بسوريا كمزارات مقدسة، وآخرون يرون بمسح الأضرحة والمزارات وهدمها تنقية للدين وتطهيرا للعقيدة يجب القتال والموت من أجله! طائفيونا يحذرون في عالمنا من الطائفية، ويخوضون الصراع مع الآخر بانحياز ديني وطائفي دموي مدمر.في عالمنا، نقف ضد إسرائيل ونحاربها ونقاوم احتلالها، ولا نجرؤ على القول بأن ما تسبب به نظام واحد- مثل نظام بشار على سبيل المثال لا الحصر- أشد فظاعة وبشاعة من كل ما قامت به إسرائيل طيلة فترة قيامها. في عالمنا نستذكر بالألم عام النكبة (1948) بشهر مايو كل سنة، ونتجاهل نكباتنا اليومية من أشكال القهر والتخلف والبطش..كل مؤشرات التنمية البشرية تشير إلى أننا في مؤخرة ركب المجتمعات على كافة الصعد والمستويات، ومع هذا لا نزال، بكل حمق وجهل، نعتقد أننا أفضل حالا من كل "الآخر"، فقط لأنهم لا يدينون بديننا!قبل ألف عام، قال أبو الطيب المتنبي:أغاية الدين أن تحفوا شواربكم يا أمة ضحكت من جهلها الأمم ومع كل هذا، فلا مجال لنا سوى التمسك والتشبث بالأمل، ففقدانه يعني إعلان الانتحار الجماعي، وعلينا البحث في زوايا الألم عن الأمل، وصدق الطغراني: "ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل".