12 سبتمبر 2025
تسجيلمضى قرابة الشهر منذ أن انتشر الكورونا في قطر بشكل مؤكد، في منتصف شهر مارس الماضي عندما صدرت توجيهات حضرة صاحب السمو الأمير المفدى للحكومة باتخاذ ما يمكن اتخاذه من قرارات للتصدي لانتشار الوباء. ومنذ ذلك الحين يبدو أن الأمر يسير في قطر نحو السيطرة عليه بتباطؤ عدد الإصابات الجديدة وزيادة عدد المتعافين منه. ولكن الأمر على المستوى العالمي لا يزال مقلقا بتجاوز عدد الإصابات المليون ونصف المليون إصابة، وتجاوز عدد الوفيات نحو 102 ألف حالة وفاة، وقد قام الدكتور وائل شديد المتخصص في الأمور الإستراتيجية، بتزويدي بنسخة من بحث كتبه مؤخراً بعنوان: "ماذا ينتظر العالم بعد كورونا"؟، وتضمن البحث ثلاثة سيناريوهات لانتشار الوباء تحدث في أولها عن احتواء الوباء في غضون 4 شهور من بداية أبريل حتى نهاية يوليو القادم، ويمتد الوباء في السيناريو الثاني إلى حتى نهاية عام 2020، في حين يتحدث السيناريو الثالث عن خروج الأزمة عن السيطرة بانتقال الوباء إلى عام 2021. وأحاول في عجالة أن ألخص ملامح السيناريوهين الأول والثاني. السيناريو الأول: احتواء سريع للأزمة: يفترض هذا السيناريو القدرة على احتواء العالم للأزمة والسيطرة على الوباء خلال 4 شهور من بداية شهر أبريل حتى نهاية يوليو القادم، مع القدرة على احتواء ارتداداته في الشهور اللاحقة من العام. وسيكون هنالك تغيرات أولية في نظام الاقتصاد العالمي أبرزها: فقدان الثقة في النظام الاقتصادي الرأسمالي العالمي، ضعف التجارة الدولية، وإعادة التفكير في سلاسل التوريد العالمية، والبحث عن سلاسل أقصر، وتذبذب سعر صرف الدولار، وسعر الذهب، نتيجة بحث الناس عن الملاذات الآمنة، والعمل الجدي من قبل الصين وروسيا ودول أخرى للتخلص من هيمنة الدولار، وتوقع انخفاض سعر صرف الدولار، إذا لم تقم الولايات المتحدة بإجراءات تطمئن السوق العالمية، خصوصا إذا ضخت تريليونات أخرى من الدولارات في السوق المحلي، انخفاض في معدلات النمو العالمية، وإشكالات كبيرة في قطاع السياحة والنقل الجوي، ارتفاع حجم الدين العام العالمي الذي يصل حاليا إلى 300 تريليون دولار، بينما الناتج المحلي الإجمالي العالمي في حدود 80 تريليون دولار فقط، ازدياد التوتر بين الصين والولايات المتحدة، وزيادة التوتر بين دول الاتحاد الأوروبي، من جهة ومع الولايات المتحدة من جهة أخرى، والتقارب الصيني الروسي، وانخفاض نمو الاقتصادات النامية مؤقتا ثم تعاود النمو بحذر مع التركيز على مشاريع الاكتفاء الذاتي. السيناريو الثاني: الأسوأ ويمتد حتى نهاية 2020، ومن ملامحه: وضع خطط للخروج من الدولار، والإقبال على الذهب بشكل كبير، وانحدار سعر صرف الدولار، نتيجة ارتفاع التضخم بشكل كبير في أمريكا. ومن المتوقع أن تتفكك العولمة الدولية وتتشكل منظومة سلاسل توريد أكثر مرونة وأكثر قرباً من النظام الإقليمي. كما سيشهد العالم تشكيل تحالفات اقتصادية عالمية جديدة بين الصين وروسيا ودول شرق آسيا، وقد تنهار بعض المؤسسات العالمية أو تضعف فاعليتها كمنظمة التجارة العالمية، وربما صندوق النقد الدولي. كما قد يشهد السيناريو شبه توقف للدعم والمساعدات الدولية، وانخفاضا مقلقا في معدلات النمو الاقتصادي، وتدهورا كبيرا في قطاع السياحة والنقل الجوي، والبري، وانحدار صناعة السيارات. وسيرتفع معدل التضخم إلى حد كبير، وقد يتم الإعلان عن إفلاس العديد من الشركات المتوسطة وحتى الكبيرة، ويكثر بيع الأصول وتفشي الغلاء. السيناريو الأكثر سوءاً: أن تخرج الأزمة عن السيطرة، وهذا السيناريو - الذي لا نرجو وقوعه على الإطلاق - وفيه قد يطول أمد تفشي الوباء ويمتد إلى عام 2021، ويدخل العالم في حالة من الفوضى، والتعقيد. وقد خطر ببالي قبل يومين أن أسأل مجموعة أصدقائي قراء المقالات عن تصورهم لاتجاهات الوباء، والحياة الاقتصادية قي قطر فتفضل الكثير منهم بإبداء رأيه إما كتابة أو عبر الهاتف. وقد تراوحت ردودهم بين التفاؤل بقرب خروجنا من المحنة، ربما بعد شهر أو شهرين، في حين كان البعض الآخر أقل تفاؤلا، وأشار إلى ملاحظات مهمة بهذا الخصوص قد نتطرق إليها في مقال قادم بإذن الله.