09 أكتوبر 2025
تسجيلكيف ستنظر أوروبا وأمريكا للشرق ؟ [email protected] هيمنت روح الاستعلاء لدى الغرب في مفهومه الواسع في تعامله مع الشرق إما كدول أو كأنظمة أو كثقافات أو كأديان، وظلت صورة الشرقي من الصين إلى المنطقة العربية كشعوب يمكن استغلالها إما كاستعمار أو كدول يستحل فيها تحقيق المصالح ولو على حساب تلك الشعوب، تغيرت الصورة بعض الشيء في العقود الأخيرة ولكن احتفظت في مجملها بنواة عنصرية تعطي العنصر المغربي قمة هرم صاغه في سنين تفوقه ولم يأخذ في الحسبان أن الأيام والدول تتداول كما بنى على الحضارات من قبله كانت أمم تسكن تلك القمم ولم تنظر بعنصرية للأمم الأخرى بل أشركتها في لحظات إشعاع الحضارة كما كان الحال في الأندلس، ولكن حتى في اعتمادها على الحضارة العربية من الأرقام العربية إلى علوم الطب والفلك وعلم الاجتماع وعلم النفس لم تكن أي تقدير بل تناست تلك الحقبة، وأوغلت في تقطيع وتفكيك وبناء منظومة لتخدم مصالحها دون أخذ الاعتبار لتلك الأمم والشعوب، من آسيا إلى مختلف أنحاء العالم وكأن الحضارة فقط لدى الغرب، تكون نظام عالمي وأمم متحدة وصندوق نقد ومؤسسات عالمية وأممية تخدم في مجملها مصالح الغرب على حساب بقية العالم، ونسب كل بشع لبقية الأمم ونسب كل جميل للعرق الأبيض، فإذا حدث حادث إنما هو غير الأبيض ولابد انه مسلم وفي معظم الأحيان عربي، لأن دينهم يحضهم على العنف وعرقهم ليس نقيا، فالإعلام سهل الانقياد بل لديه الاستعداد النفسي لتصديق ونشر كل ما له علاقة بترسيخ تلك الصورة السالبة عن الأقوام الأخرى والأجناس الأخرى، وفي نفس السياق يدعي تأييده لحقوق الإنسان والمبادئ الإنسانية، ويستمر هذا النمط المغلوط ولا أحد يستطيع تقويمه فقد اصبح بنية عقلية لدى الغرب يصعب حتى على المثقفين الغربيين تصحيح هذا الاعوجاج غير الإنساني والمشوه لمعنى المبادئ الإنسانية التي ندين بها لتجارب الإنسانية على مدى قرون، معيار مزدوج مائل لصالح الغرب وصورة ذهنية يتم ترسيخها بشكل متواصل عبر الإعلام والاستعداد النفسي لدى العاملين في مختلف مناحي الحياة لديهم، لدرجة أصبحت تولد العداء والبغضاء لكل ما له صلة بالشعوب والأمم الأخرى، وقد يكون أحد مصادر ذلك ليس الجهل والعنصرية بل الاستقواء على الأمم الأخرى افعلوا ما يحلو لكم ولكنكم لا تستطيعون لذلك قروا واستكينوا لهذا الوضع، دخل كورونا على المشهد وأزاح كل ذلك فالدول الغربية وأمريكا في حاجة للشرق وتهاوت تلك العنجهية والاستقواء فجأة لتطلب المساعدة من دول الشرق ففي اللحظة التي تتراجع وتنعزل دول الغرب عن بعضها البعض وتقدم على سلوكيين ينمان عن انهيارها حيث تستولي على شحنات أدوية أو كمامات إما في البحر متجهة لدول أخرى هي في أشد الحاجة لها أو لدول أوروبية داخل الاتحاد الأوروبي لتمارس القرصنة في أحلك أوقاتها وبأشنع طرقها، في نفس الوقت تهب دول آسيا والشرق بالإعانات من الأدوية وإلى الطواقم الطبية إلى المستشفيات، فجأة نسمع الأذان يصدح من المنارات التي كانت تصور على أنها رؤوس صواريخ، ذلك العداء وتلك الصورة القاتمة يحل محلها الامتنان والتقدير، صورة معبرة عن مدى قدرة القدر في إعادة قولبة الواقع وخلخلة الصور الذهنية المتكونة من عفن العنصرية، فجأة تلكم الناس ذوو الغايات الشيطانية الكامنة في نفوسهم بسبب عنصرهم المتخلف هم من نطلب المساعدة منهم وهم من يقدم على مساعدتنا في الوقت الذي ينأى العنصر الأبيض بنفسه عن مساعدتهم، يا لها من صورة سيكون لها اكبر الأثر في تشظي الصور الذهنية العتيقة التي بنيت على مفاهيم الحروب الصليبية والاستعمار والمصالح الاقتصادية على حساب الإنسانية، هل سيستعيد الغرب إنسانيته أم يعود بعد التعافي لأساليبه وعنصريته واستقوائه، إنها تجربة إنسانية سوف نتعلم منها دروساً ودروساً لا تنتهي. [email protected]